الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أعراض نفسية وجسدية، فمم أعاني بالضبط؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من أعراض منذ سن 14 سنة إلى الآن، أبلغ 22 سنة ومنذ ذلك الحين لا أشعر بالسعادة والاطمئنان؛ لأن لدي أعراضا نفسية وجسدية:

1- عند البلوغ ظهر لدي حجم الثدي مختلف إلى الآن، وأعراض مصاحبة مثل آلام في الثدي حادة جدًا تشبه أعراض سرطان الثدي، وأيضا آلام في الإبط الأيسر والأيمن مع نغزات خصوصا عند الفروة، وأيضًا آلام متفرقة أعلى قفص صدري.
2- تعب وخموول وكسل.
3- آلام في الظهر بشكل يومي وآلام في الذراع يمتد إلى الأصابع بشكل حاد.
4- آلام في مفاصل القدم يمتد إلى الأصابع مع نغزات.
5- صداع مستمر وآلام متفرقة في الفروة ووخزات، مع العلم أني أعاني من نقص نظر ومشاكل في الأذن.
6- آلام في الرقبة من الأمام ومن الخلف.
7- رجفة عند الوقوف كثيرًا وسرعة في ضربات القلب في الليل.
8- شعور بتشنجات في منطقة البطن يشبه أعراض الدورة الشهرية.

الأعراض النفسية:
1- فقدان الثقة بالنفس وفقدان تقدير الذات.
2- انتقاد الذات دون أسباب معقولة أو الشعور بذنب لا أساس له.
3- الإرهاق بدون ممارسة أعمال منزلية.
4- النوم لساعات طويلة تصل إلى 10 ساعات وأكثر.
5- الأوهام والوسواس بالإصابة بأمراض خطيرة، وأيضا أحلم بالكوابيس أنني مصابة بالأورام في جسدي.
6- الحزن المستمر بدون سبب.
7- شعور بأن من حولي أفضل مني.

لا أرغب في الذهاب الى الطبيب حاليا، لأن هذا يصيبني بالتوتر الشديد، الجميع يشتكي مني، أفراد عائلتي وأصدقائي، بأنني نفسية والجميع يتفق على ذلك؛ لأنني عادة أحب الجلوس في المنزل ولا أرغب في أن أرى أي أحد أو الذهاب إلى أي مكان، وأيضا أمارس العادة السرية كثيرًا، لقد حاولت الإقلاع ولكن لم أستطع، وعلاقتي بربي ليست جيدة.

طلبي الوحيد منك أن تخبرني عن حالتي حتى يطمئن قلبي، لأنني أعاني منذ سنوات.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ش.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنت ذكرت الكثير من الأعراض، فيها ما هو جسدي، وفيها ما هو نفسي، وفيها ما هو اجتماعي، وما هو متعلّق بالدّين والعبادة، وهذه المكوّنات حقيقة هي التي توجّه سلوك الإنسان إلى درجة كبيرة.

أنا شعرتُ أنه لديك مشاعر سلبية جدًّا حول ذاتك، لديك أعراض اكتئابية، لديك أعراض ضجر، وهنالك الكثير من الأعراض العضوية الجسدية، وهي ليست ناشئة من مرض عضوي، إنما هي ناشئة من الحالة النفسية التي لديك، الاكتئاب أو القلق الاكتئابي كثيرًا ما يجعل الناس يحسُّون بأعراض جسدية ليس لها أي سبب عضوي، التوترات النفسية كثيرًا ما تتحوّل إلى توترات عضلية، وهذه تظهر في شكل آلام جسدية مثل النوع الذي تعانين منه.

إذًا حالتك هي حالة (نفسوجسدية) أو كما تُسمَّى (الامراض النفسية الجسدية/ Psychosomatic Medicine) وعلاجها أنا لا أراه مستحيلاً أو صعبًا أبدًا، لكن يتطلب منك الالتزام، ويتطلب منك وضع آليات وخُطط مُلزمة تُوصلك إن شاء الله إلى غايات علاجية إيجابية.

أولاً: أهم شيء أن تُدركي أن الله تعالى قد كرَّم الإنسان، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا وأمرٌ أساسي، وهذا يجب أن يدفعك إلى ألَّا تُقلِّلي من قيمة ذاتك.

ثانيًا: نحن جميعًا يجب أن نشترك في عمارة الأرض وإسعاد أنفسنا وأُسرنا ومَن حولنا. إذًا يجب أن نستشعر هذه المسؤولية.

ثالثًا: على الإنسان أن يضع أهدافًا لحياته، لا نجعل حياتنا تُسيّرُنا، نحن يجب أن نُسيّر الحياة، أضع أهداف مُعينة حتى وإن كانت أهدافًا بسيطة، وأضع الآليات التي تُوصلُني إلى أهدافي. هذه هي الأسس التي أودُّ أن أركّز عليها، وهي مهمّة جدًّا.

الأمر الآخر: الشعور بالانتماء، الشعور بالانتماء لدينك، الانتماء لأسرتك، الانتماء لوطنك، هذه أسس مهمّة جدًّا من أجل البناء النفسي الإيجابي، فأرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تُرسِّخي هذه المفاهيم في نفسك، وتكوني حريصة جدًّا على تطويرها.

بعد ذلك تأتي أمور بسيطة جدًّا، أوّلها: أن تُحسني إدارة وقتك، مَن يُحسن إدارة وقته يُحسن إدارة حياته. نظّمي وقتك بصورة منطقية وعلمية، وأهم نقطة في تنظيم الوقت هي تجنّب السهر، هذا أمرٌ مهم، ويجب أن تكون لك مهام يوميةً تقومين بها، ويجب أن تحرصي على التواصل الاجتماعي الإيجابي، خاصة مع الأسرة، العبادة، خاصة الصلاة يجب أن تكون في وقتها، ويجب أن تمارسي الرياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة سوف تُطور من صحتك، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا.

وأمرٌ آخر ضروري، هو: ألَّا تتخلفي عن الواجبات الاجتماعية أبدًا، إذا دُعيت لدعوة عُرسٍ مثلاً حاولي أن تذهبي، وإذا كان هنالك عزاء، إذا كان هنالك زيارة مريض من أهلك وأرحامك، هذا كله يجب أن تقومي به. القراءة، الاطلاع، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، هذا أراه مهمًّا جدًّا في حالتك.

بعد ذلك أعتقد أنه ليس هنالك ما يمنع أن تتناولي أحد مضادات الاكتئاب والقلق البسيطة، هنالك دواء يُسمَّى (دولوكستين Duloxetine) هذا هو اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًّا (سيبمالتا Cymbalta) سيكون دواءً مناسبًا بالنسبة لك، إذا كان لديك الرغبة في تناول الدواء، وهو دواء سليم وغير إدماني، تبدئي بجرعة ثلاثين مليجرامًا ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها ستين مليجرامًا ليلاً، واستمري عليها على الأقل لمدة ستة أشهر، ويمكنك أن تتواصلي معنا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً