الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعراضي عضوية، أم نفسية؟

السؤال

السلام عليكم
وشكرًا للقائمين على هذا الموقع المفيد

أنا بعمر ٢٣ سنة وزني ٤٣، وطولي ١٥٣، وقد سبق وبعثت باستشارة رقمها (2440776) سؤالي: هذه المرة عن نفس السبب، ولكنني أريد أن أتيقن هل أعراضي نفسية أم عضوية، فأنا أقدم امتحانات نهائية الآن وجامعتي في محافظة أخرى.

لعدة مرات تكررت عندي أعراض: هبوط الضغط الانتصابي، القلق الشديد، الدوار، زغللة بالعيون، رجفة (شبه ملازمة لي) خوف، رأرأة، تنميل في الوجه والفك وأحياناً اليد والقدم اليسرىؤ تعب وارتخاء، فرط تهوية وكأنني لا أستطيع التقاط أنفاسي وتزداد لدي دقات القلب، والتنفس عند القيام بأي مجهود، وكنت أصبت خلال هذا العام بكورونا لمرتين، وقمت بعمل تحاليل (كلها طبيعية) cbc، وسكر وخمائر كبد ودرق مع ايكو درق (اتضح وجود ضخامة بسيطة).

قام الطبيب بتشخيص سريري كامل لي، فاتضح وجود دوار وأخذت سينارزين مع متممات لمدة شهر وبعد التوقف عادت الدوخة.

أصبحت أحذف امتحاناتي، وأخاف الذهاب للجامعة، أو الخروج من المنزل، وعند خروجي تظهر الأعراض، وأنا مقبلة على الخطوبة لخارج البلاد وأخاف من أن تنتابني الأعراض بعيدة عن أهلي.

هل أعراضي الجديدة توحي بمرض قلبي، أو عصبي، وما الخطوة القادمة التي يجب علي عملها لحل هذه المشكلة، ولزيادة وزني والتخلص من رهاب الخروج من المنزل.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nooramin حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وبالفعل استشارتك التي رقمها (2440776) والتي أجبنا عليها بتاريخ 21/8/2020 مهمّة، لأنها تُجيب تقريبًا على كل استفساراتك الواردة في هذه الاستشارة الحالية.

أنا أؤكد لك - وبما لا يدع مجالاً للشك - أن أعراضك هذه هي أعراض نفسيّة، أو بتعبير أدق (نفسوجسدية/ Psychosomatic Medicine) يعني منشأها نفسي، (أعراض نفسية جسدية)، بمعنى أن القلق والمخاوف والتوتر الذي تعانين منه ينعكس على جسدك، ويُعرف تمامًا أن المخاوف المكوّن الرئيسي فيها هو القلق، والمكوّن الرئيسي للقلق هو التوتر، والتوتر النفسي يتحوّل إلى توتر عضلي، لذا تظهر أعراض جسدية، ومنها الانقباضات الجسدية، والشعور بزغللة العينين، والتنميل في الوجه والفك، وكذلك اليدين والقدم، هذا كلُّه يُفسَّر نفسيًّا.

القلق النفسي أيضًا يؤدي إلى زيادة في تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي، وينتج عن ذلك إفراز مادة تُسمَّى (أدرينالين Adrenaline)، وهنا تظهر الأعراض في شكل تسارع في ضربات القلب ورجفة وكتمة في منطقة الصدر.

أعراضك هي أعراض نفسوجسدية، بمعنى أنه ليس لديك مرض ع ضوي جسدي، وأنت الحمد لله قمت بالفحوصات العامّة، بعد الإصابة بالكورونا، وكلّها كانت سليمة، واستجابتك لعلاج الدّوار (الدوخة) هذا أمرٌ مبشّر، ويدلُّ على أن حالتك بسيطة.

نصيحتي الأساسية لك هي أن تتجاهلي هذه الأعراض، وأن تتجنّبي الكتمان، وأن تُعبّري عن نفسك، لأن الكتمان كثيرًا ما يتحوّل إلى طاقات نفسية سلبية.

قلق المخاوف أيضًا يُعامل ويُعاجل من خلال التجاهل والمواجهات، لا تتجنبي المواجهات أبدًا، تفاعلي مع أسرتك، تفاعلي مع صديقاتك، حاولي أن ترفعي من كفاءتك النفسية من خلال تطوير المهارات الاجتماعية مثل تحسين نبرة الصوت عند المخاطبات، وكذلك تعبيرات الوجه يجب أن تكون متناسبة ومتناسقة مع الموقف الاجتماعي، وكذلك لغة الجسد – خاصة حركة اليدين – عندما يتكلّم الإنسان.

سيكون ضروريًّا بالنسبة لك أن تُمارسي التمارين الاسترخائية، هنالك تمارين للتنفس التدرُّجي، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، هذه التمارين مفيدة جدًّا وذات جدوى كبيرة في امتصاص القلق والتوترات وتحويلها إلى طاقة نفسية إيجابية.

تجنّبي السهر، ومارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة.

فيما سبق أنا وصفتُ لك بعض الأدوية التي كانت تناسب حالتك فيما مضى، لكن الآن سوف أصف لك دواء أكثر تخصُّصيَّةً في علاج قلق المخاوف والتوترات، الدواء يُسمَّى علميًا (سيرترالين Sertraline)، له أسماء تجارية كثيرة، منها (زولفت Zoloft) و(لوسترال Lustral)، وربما يُوجد في بلادكم تحت مسمّى تجاري آخر.

أنت تحتاجين لجرعة صغيرة من هذا الدواء، والحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، ابدئي بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناوليها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة. بعد انقضاء الثلاثة أشهر خفضي الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء رائع، غير إدماني، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، وسوف يُحسن شهيتك نحو الطعام أيضًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً