الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السيروكسات أفادني لكن مشكلة الرهاب ظهرت مجددا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السيد الدكتور/ محمد عبد العليم.. حفظه الله.

تحيه من القلب.

كتبت لك سابقا عن مشكلتي مع الرهاب الاجتماعي في استشارة سابقه، حيث وصفت لي علاج سيروكسات 20 بجرعة معينة لفترة امتدت قرابة العام أو أكثر بقليل، وقد كانت النتيجة ممتازة - بفضل الله - ثم بفضلكم، أسأل الله أن يرزقكم الجنة، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت تظهر بعض الأعراض مجددا عند المواجهات الاجتماعية والاجتماعات في العمل.

تزايد ضربات القلب عند الشعور أن أحدهم سيقوم بتوجيه أسئلة لي، أو حتى في النقاش العادي، مصحوبة برجفه في اليدين، وحركات لا إرادية في الرأس، مع محاولة ابتلاع الريق رغم جفافه.

أقوم بالإمامة في الصلاة بزملائي -والحمد لله - أحسن القراءة، وينتظرونني حتى أصلي بهم في حال تأخرت، ولكن في بعض الأحيان أقصر في الصلاة حتى لا تظهر أعراض الارتباك على صوتي.

دواء سيروكسات أفادني كثيرا، ولكن أعتقد أن المشكلة ظهرت مجددا لعدم انخراطي الكافي اجتماعيا، فأنا بطبيعتي إنسان أميل للهدوء والجلوس منفردا معظم الأوقات، ولا أتحدث إلا لمن استريح له.

لست راضيا تماما عن نفسي، فأنا أشعر بأنني غير سوي، وسريع الانفعال، وردود أفعالي مباشرة تجاه الآخرين.

أرجو النصيحة - دكتوري الفاضل -، هل أرجع لتناول السيروكسات بنفس الآلية؟ أم هناك وصفة مختلفة؟ مع العلم أنني أرغب في تناوله، فإن كانت الإجابة نعم، أرجو تحديد الجرعة، علما بأن المتوفر في الصيدليات هو سيروكسات سى ار 25.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

السلام عليكم، ولك – يا أخي – التحيات الزكيّات، ونشكرك على كلماتك الطيبة وثقتك في إسلام ويب.

أخي: - إن شاء الله - حالتك بسيطة جدًّا، كما تفضلت هو نوع من رهاب المواجهات من الدرجة البسيطة، وأنت استفدتَّ كثيرًا من علاج الدوائي، وكما تفضلت ربما تكون لم تركّز كثيرًا على الآليات السلوكية التي تقوم على مبدأ المواجهة وعدم التقليل من شأن الذات.

كثير من الناس الذين يرتاحون على الدواء ربما يتراخون كثيرًا في التطبيقات السلوكية المعرفية، ولذا بعد أن يتم التوقف من الدواء قد تظهر الأعراض الخاصة بالرهاب الاجتماعي فيما بعد، وهذا هو الذي حدث لك أخي الكريم.

أخي: لا أريدك أبدًا أن تشعر أن شخصيتك غير سويّة، سُرعة الانفعال ليست دليلاً على اضطراب الشخصية أبدًا، كل الذي تحتاجه هو أن تكون مُعبِّرًا عن ذاتك، الكتمان يؤدي إلى سرعة الانفعال.

أخي الكريم: عبِّر عن ذاتك، خاصة الأشياء التي لا تُرضيك، لأن التعبير الآني، وأن يُعبّر الإنسان بصورة محترمة وانضباط فيما يقول؛ هذا يُسمَّى بالتفريغ النفسي الإيجابي، وهو مفيد جدًّا، ويقضي تمامًا على سُرعة الانفعال.

حين نتكلّم عن سُرعة الانفعال يعني أن هنالك شيئا من الغضب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - علَّمنا ألَّا نغضب. فأرجو أيضًا أن تتبع ما ورد في السُّنَّة المطهّرة حول كيفية إدارة الغضب.

بصفة عامة: أريدك أن تُركّز كثيرًا على المواجهات، وحتى إن وجدتَّ صعوبة في المواجهات الفعلية عليك أن تُكثِّف ما نسمِّيه بالمواجهة في الخيال، تتصوّر نفسك مثلاً أنك تُصلّي صلاة الجمعة في مسجد كبير، وتَؤُمّ المصلّين، وكيف أنك قد حضّرت للخطبة، وما هو محتوى الخطبة، فالتعريض في الخيال يتطلّب أن يلعب الإنسان السيناريو كاملاً، هي نوع من التمثيل، لكنّه تمثيل إيجابي جدًّا، تتخيّل هيبة الموقف، وتقوم بالإعداد للخطبة، ثم تتصور أنك أمام جمعٍ من المصلّين، وتُخاطب، هذا التخاطب الخيالي كأنك أمام المصلّين، وبعد ذلك تأتي الصلاة، ثم أذكار ما بعد الصلاة، وبعد ذلك تقابل بعض المصلّين ... وهكذا.

أرجو أن تعيش هذا السيناريو كاملاً، هو نوع من التعريض الممتاز جدًّا.

تصور أيضًا أنك تقوم ببعض الدروس بعد الصلوات مثلاً، أو تقرأ حديثًا مثلاً بعد صلاة العصر أمام جمع من المصلّين.

أخي الكريم: احرص كثيرًا أن تُشارك في الواجبات الاجتماعية. مجرد التعرُّض للواجبات الاجتماعية والاهتمام بها وعدم التخلُّف عنها هذا يُفيد الناس في علاج الرهاب الاجتماعي، تُشارك الناس في أفراحها، وفي أتراحها، أن تزور المرضى، تصل رحمك، هذه أشياء عظيمة، وتجني منها - إن شاء الله تعالى - خيري الدنيا والآخرة.

لماذا – يا أخي عبد الله – لا تنخرط في رياضة جماعية؟ تخيّر بعض الأصدقاء، اتفق معهم مثلاً على المشي ثلاث مرات في الأسبوع، أو أي رياضة أخرى، هذا نوع من التفاعل الاجتماعي الإيجابي جدًّا، والرياضة ذات فائدة عظيمة من أجل الارتقاء بالصحة النفسية وكذلك الصحة الجسدية.

أنا لا أعتقد أنك في حاجة إلى الـ (السيروكسات Seroxat)، وأنا لا أريدك أن تعتمد حقيقة اعتمادًا كبيرًا على الدواء، أعرفُ أنه سوف يُعالج حالتك، لكن هذا مؤقت، أريدك هذه المرة أن تُطبق هذه التطبيقات السلوكية، ولن أتركك بدون دواء، لكن ليس السيروكسات.

أنصحك بتناول الـ (إندرال Inderal)، دواء بسيط جدًّا، والأعراض التي تكلّمت عنها تختفي تمامًا مع تناول (كوابح البيتا) ومنها الإندرال، تناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً