الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف المرضي، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

عمري 21 سنة، أدخن السجائر منذ 3 سنين. قبل 4 أشهر تركت التدخين وبعدها دخنت الشيشة لمدة لا تزيد عن أسبوعين، ثم حصبت معي حالة غريبة جدا! أصبت بأعراض مخيفة ومرعبة ولم أعد أعرف أين مصيري.

في إحدى الليالي كان لدي صداع بسيط وأخذت حبة براسيتمول، وبعد نصف ساعة دخنت الشيشة لمدة 5 دقائق، بعدها شعرت بالدوخة والدوار وصداع نصفي ليس قويا جدا لكنه مزعج، وبعدها قست ضغط الدم وكان طبيعيا جدا لكني بدأت أشعر بالقلق، فالصداع ازداد، وبعدها أحسست بثقل في النفس قوي، وبعدها خفت جدا، كان مستوى الأوكسجين 98% لكن النفس ثقيل جدا، بعدها شعرت بالقلق فازدادت ضربات قلبي وخفت بشدة، وفمي أصيب بالجفاف كأني لم أشرب الماء منذ سنين.

في اليوم الثاني رجع كل شيء على طبيعته، ولكن بعد أسبوع دخنت الشيشة، وقبل أن أدخن خفت وقلقت أن تصيبني نفس الأعراض في السابق ولكن دخنت شيئا قليلا، وأيضا حصلت عندي نفس الأعراض لكن ليست قوية، بعدها أصبحت هذه الحالة تأتيني بين يوم ويوم مع أنني تركت التدخين نهائيا.

عملت تخطيط قلب، وإيكو، وتحليل دم شامل، وكل النتائج كانت طبيعية، وخضعت للفحص السريري أكثر من 10 مرات، والأطباء لم يجدوا شيئا مثيرا للقلق نهائيا!

والآن تأتيني أعراض مرعبة جدا منها أصيب بالفزع عندما تأتيني، منها نبض في البطن مستقر، ونبض يهز صدري الأيسر وخصوصا بعد الأكل وبعد التبرز، وأشعر بزيادة ضربات قلبي عند أقل مجهود بسيط، لم أعد أتحمل هذه الأعراض، وحالتي النفسية تزداد سوءا يوما بعد يوم!

عملت جميع الفحوصات ولم أجد شيئا، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

من خلال الأعراض التي ذكرتها أؤكد لك أن حالتك بسيطة، أنت لديك قابلية للقلق، خاصة قابلية المخاوف، والقابلية أو الاستعداد قد تُثار من خلال مؤثرات بسيطة جدًّا، فمثلاً من الواضح أن النيكوتين لا يُناسبك – النيكوتين الموجود في الدخان: سجائر أو شيشة كانت – هذا قطعًا له أثر سُمِّي كبير، يُؤدّي إلى تأثير واضح على الجهاز العصبي اللاإرادي – أي الجهاز الثمساوي Sympathetic – وينتج عن ذلك زيادة في إفراز مادة الـ (أدرينالين Adrenaline) ممَّا يجعلك تحس بالخوف وتسارع ضربات القلب وخفة الرأس أو الشعور بالدوخة وعدم الارتياح.

إذًا التدخين بالنسبة لك هو أحد المثيرات السلبية التي يجب أن تبتعد عنها تمامًا، والحمد لله تعالى أنت قد اتخذت هذا القرار الراشد.

الأمر الآخر وهو: أن تجتهد في نمط حياتك، تجعل نمط حياتك نمطًا فعَّالاً وإيجابيًّا، وذلك من خلال: أولاً: تجنب السهر تمامًا، لأن الإجهاد النفسي أو الإجهاد الجسدي، والذي قد لا يشعر به الإنسان مباشرة، لكن تكون له إفرازات وتبعات سلبية كالإصابة بالصداع والقلق والتوتر والمخاوف. إذًا النوم المبكّر هو علاج رئيسي في حالتك، لأن النوم المبكّر يُؤدّي إلى استقرار كامل في خلايا الدماغ، وإلى استقرار في مستوى فعالية الجهاز العصبي الإرادي واللاإرادي، وهذا طبعًا سوف يعود عليك بخير كثير.

النوم الليلي المبكّر وتجنّب السهر أيضًا يجعلك تستيقظ نشطًا ومتفائلاً، وتُؤدّي صلاة الفجر في وقتها، وبعد الصلاة مثلاً يمكن أن تدرس لمدة ساعة قبل أن تذهب إلى مرفقك الدراسي، هذا وقتٌ جميل، ووقت طيب، ويكون إدراك الإنسان واستيعابه على درجة عالية جدًّا، والبكور فيه خير كثير، وقد بُورك لهذه الأمة في بكورها.

أيضًا من الأشياء المهمة التي يجب أن تُدخلها على نمط حياتك هي ممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة - رياضة المشي، الجري، كرة القدم – الآن الأبحاث كلها تُشير أن الرياضة عامل رئيسي وأساسي من أجل تطوير الصحة النفسية عند الإنسان، وكما نقول أن الرياضة تقوّي النفوس قبل الأجسام.

أريدك أيضًا أن تُخصص وقتًا للترفيه عن نفسك، وأن تتواصل مع أصدقائك، ويجب أن يكون لك دورًا في الأسرة، تكون بارًّا بوالديك، تكون فعّالاً في أسرتك، وتحرص على الصلوات، خاصة الصلاة مع الجماعة، يجب أن يكون لك ورد من القرآن تقرأه يوميًا، احفظ الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء، وأذكار الاستيقاظ وأذكار النوم – فهي حقيقة حافظة وتبعث على طمأنينة كبيرة جدًّا.

أريدك أيضًا أن يكون لك برنامج أو هدف تُسمّيه (هدف الحياة)، ما الذي تعيش من أجله أنت؟ لابد أن تسأل نفسك هذا السؤال، طبعًا تعيش لتكون شخصًا ناجحًا، مفيدًا لنفسك ولغيرك، تتمسّك بدينك، تكون بارًّا بوالديك، تنجح على المستوى الأكاديمي والتعليمي، وعلى المستوى العملي، وتتزوج، ويرزقك الله الذرية الصالحة من المرأة الصالحة. هذه يجب أن تكون أهدافك، وهذه ليست مستحيلة، وهي واقعية جدًّا وبسيطة جدًّا. الأهداف السامية تدفع الإنسان وتُجدّد طاقاته.

حتى أتأكد أن صحتك النفسية قد اكتملت أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وهنالك عقار يُسمّى (اسيتالوبرام Escitalopram) هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس Cipralex) وربما تجده تحت مسمّيات تجارية أخرى، أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناول هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الدواء حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً