الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتجنب مخالطة الناس وأحب العزلة، فهل أنا غير طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لدي مشكلة تتلخص في كوني لا أحب بتاتا لقاء المعارف والأصدقاء القدامى والناس بصفة عامة في المنطقة التي ولدت فيها، بحكم طبيعة عملي، فأنا أتنقل للعيش من مكان لآخر، ولا أرجع لمسقط رأسي إلا في العطل، حيث تمر علي أيامها كالكابوس كل ما خرجت من المنزل للضرورة، وأتجنب ملاقاة الناس وأسلك الأحياء الفارغة، وفي المسجد أذهب متأخرا وأخرج بمجرد أن يسلم الإمام تجنبا لكي لا ألتقي بأحد.

في مكان العمل أيضا أكره الاحتكاك الزائد بالزملاء من حولي، وأكتفي بالعلاقات التي لابد منها.

بصفة عامة أحب حياة الغموض والبقاء بعيدا عن الناس، مع العلم أنه ليس لي عداوات -والحمد لله- فأنا ذو مكانة في المجتمع وناجح في عملي بشهادة الجميع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء وكمال الصحة.

أخي: الانطوائية والانسحاب الاجتماعي وتجنّب التفاعلات الاجتماعية له عدة أسباب، منها: أن الإنسان قد يكون أصلاً لديه سمات انطوائية متعلِّقة ببنائه النفسي، وهذا قد يكون له علاقة بالشخصية، وكذلك المناهج التربوية السابقة. وبعض الناس أيضًا لديه خجل زائد عن اللزوم، وهذا يمنعهم كثيرًا من التفاعلات الاجتماعية الإيجابية، ويُفضِّلون الانسحاب الاجتماعي والانزواء.

وهنالك مجموعة أخرى من الناس يودُّون التواصل مع الناس ويُحبُّون اللقاءات الاجتماعية والقيام بالواجبات الاجتماعية، لكن لديهم ما يُسمَّى بالرهاب الاجتماعي أو الخوف الاجتماعي، وهذا يمنعهم من التواصل الاجتماعي الصحيح.

هنالك بعض الناس لديهم درجة من الحياء، والحياء طبعًا شطر من الإيمان، والحياء خيرٌ كله أو كله خير، أيضًا هذا يجعل الإنسان لا يُفضّل التواصل الاجتماعي المتواصل، وإن كان الحياء أمرٌ مختلف، لكن أعتقد هنالك أهمية من الناحية النفسية فيما قد يُصيب بعض الناس بالانطواء والانسحاب الاجتماعي.

إذًا بهذه الكيفية نكون قد شخَّصنا المشكلة، وقد تكون أنت واقع في أحد هذه المحاور، لكن أرى أنه لديك جانب وسواسي، أنت مثلاً لا تُفضّل الالتقاء بالمعارف والأصدقاء القدامى، يجب أن يكون العكس – يا أخي – يجب أن يكون هنالك تشوّق لالتقاء الأصدقاء ولقاء الزملاء، والإنسان دائمًا كرامته بين أهله وبين مَن يُحب وبين أصدقائه. فهذا المفهوم الوسواسي أعتقد أنه يجب أن يُغيّر، ويجب أن يُحقّر، ويجب ألَّا تلتفت إليه أبدًا.

الأمر الآخر: يجب أن تسعى لما نسمّيه بالتعرُّض الاجتماعي ومنع الاستجابة السلبية، مثلاً في صلاة الجماعة، الصلاة – يا أخي – مقامها عظيم جدًّا، وأنت جزاك الله خيرًا تحرص على الصلاة مع الجماعة، فأنا أريدك حقيقة أن تتقدَّم الصفوف، أن تكون في الصف الأول، بل تسعى أن تكون خلف الإمام، وأريدك أيضًا أن تبني خيالاً ذهنيًّا جميلاً، أنك ربما تضطرّ أن تنوب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ في أثناء الصلاة، أو غاب عن الحضور.

فيا أخي: هذا النوع من التعريض تعريض إيجابي جدًّا ومفيد جدًّا.

حاول – أخي الكريم – أن تجلس بعد الصلاة لأذكارك، وأن تُسلِّم على الأخوة المصلين. اجعل فترة وجودك في الصلاة فترة ما نسمّيه بالإغمار أو الإطماء النفسي، يعني: تكون قد أدخلت نفسك في بوتقة من التواصل الاجتماعي الإيجابي جدًّا، وفي ذات الوقت تذكّر دائمًا أن هذه المساجد هي مكان الأمان، وأن وجودك فيها حقيقة أمر عظيم، ويجب أن ترتقي بتفكيرك.

أيضًا أريدك أن تمارس رياضة جماعية مثل كرة القدم مثلاً، هذا أيضًا يعطيك فرصة كبيرة للتواصل والتفاعل الاجتماعي.

احرص أيضًا على القيام بالواجبات الاجتماعية، هذا أيضًا – أخي الكريم – يفيدك. وأعتقد أنك إذا حرصت في هذه البرامج سوف تتخلص من هذه المشكلة تمامًا. إذًا التغيير يكون على مستوى الفكر والمشاعر وعلى مستوى التطبيق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً