الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العقبات التي تواجهني في الدراسة تحبطني كثيراً

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع القيم والجميل.

أولا: أنا فتاة أحب الطب جداً، وأعتبر موهوبة في هذا المجال، فلدي معلومات طبية كثيرة من قبل أن أدرس في هذا المجال، ولكن لم يحالفني الحظ وأدرس دراسة جميلة، بل على العكس كانت مراحلي الدراسية سيئة بسبب ظروفي والأشخاص المحيطين بي، ولكن الجميع يشهد لي أنني ذكية بدون أن يروا درجاتي أو شيئاً يثبت لهم ذلك.

مشكلتي هي على الرغم من حبي لهذا المجال إلا أنني أكره الإدارة، ونظام التدريس، وطول السنين، وأكثر ما كان يحبطني هو أنه مجرد أن أبدأ سنة دراسية الكل يبدأ بمحاربتي من طالبات، وإدارة، ودكاترة، لدرجة أنني قلت لا أريد الدراسة إذا كنت أذهب فقط للدفاع عن نفسي بدل أن يحتوني ويستغلون موهبتي، أحيانا أقول لا أستحق هذا التعامل وسأترك الدراسة إذا كان يومي هكذا.

الشيء الآخر: لا أحد يتعامل معي ومع مجالنا بجدية، بل على العكس إهمال واستخفاف بالشيء الجدي، وأحيانا أفكر كيف أكون مع أناس لا يوجد لديهم أمانة أو جدية، كما تعلمون مجال الطب عبارة عن "فريق عمل" لابد أن نكون مع بعض ونستشير بعضا وهكذا، لا أعلم كيف أصف مشكلتي، ولكني تعبت جدا من المحاربة، وفي نفس الوقت لا يوجد أي شيء يحفزني أو يجعلني أتحمل هذا، بل من كل الجهات سيئة، حتى أن البعض لا يستحق أن يكون طبيبا، أفكر بيني وبين نفسي لماذا أخوض مجالا فيه هذه الأشكال؟ ولكن في نفس الوقت أقول لماذا أحرم نفسي من شيء أحبه وأستطيع أن أنفع به.

أرجو تحليل مشكلتي ثم الرد؛ لأنني لم أستطع أن أصف ما أشعربه بما يكفي.

وفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ non حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن ينفع بك بنات المسلمين ووطنك وأُمّتك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن الأشياء المذكورة والعقبات والصعوبات التي تواجهك في الدراسة هي التي نُريدُ أن نجعلها سببًا للإصرار وللاستمرار وإكمال هذا المشوار، حتى نُوجدُ بعد ذلك طائفة من الأطباء من الجادِّين والجادَّاتِ الحريصين على مصلحة الأجيال، فإن ترك كل جادٍّ وطلب العلم - أو المجال الذي يُحبّه ويتميز فيه - لأن هناك عوائق ولأن هناك صعوبات ولأن هناك مَن يستهتر، هذا سيجعل هذا الاستهتار مستمرًّا، لأن هؤلاء غدًا ستكون بأيديهم مقاليد الأمور.

وأنا أريد أن أقول: إذا كنت في هذا المجال تستطيعي أن تحافظي على دينك، وتستطيعي أن تنجحي، وتستطيعي أن تمضي سنة بعد سنة حتى تُكملوا هذا المشوار؛ فلا تتوقفي أبدًا مهما كانت الصعاب التي تواجهك. واعلمي أن العقبات والأمور الصعبة في طريق الناجحين هي محطات في الوصول إلى النجاح، تغدو بعد ذلك ذكريات جميلة، والإنسان ينبغي أن يتولّد عنده التحدّي في طلب العلم والاستمرار عليه، والحرص عليه، فطالما كان هناك نظام أكاديمي يستطيع الإنسان أن يتقدّم سنة بعد أخرى حتى يُنهي هذا المجال فإن الطب الفعلي في التعليم المستمر، ولا يعني أن الإنسان انتهى من الكليّة - يعني: أصبح عالمًا - بل إذا توقّف حتى ولو كان متفوقًا، فإن المعلومات الجديدة تمضي عليه ويُصبح متأخرًا عن وقته ومتأخرًا عن جيله.

فطالما وجدتْ عندك الرغبة والذكاء والمعلومات والحرص أرجو أن تتجاوزي الصعوبات المذكورة، مستعينة بالله، متوكلة على الله، واحرصي على أن تنظمي وقتك، واجتهدي في البحث عن الزميلات الجادَّات، وتواصلي مع المعلِّمات، أو مَن يستطيع أن يُعينك من الأطباء والمُشرفين الكبار على النجاح في هذا المجال.

تمسّكي بدينك، واحرصي على الخير، واعلمي أن طلب العلم أفضل من كلِّ نافلة، وأن الطب من العلوم المطلوبة، وصحّحي نيّتك، واجعلي نيّتك أن تكوني خادمة لأُمّتك، وأن تكوني خادمة لبنات هذه الأُمَّة ولكلِّ المرضى، ونسأل الله أن يكتب لك النجاح والتوفيق. يُعجبني جدًّا أن يكون للإنسان همّة عالية يتجاوز بها مثل هذه الصعاب ومثل هذه العقبات.

أمَّا هؤلاء الذين تجدين منهم الاستهتار فنحن نقول كما قال تعالى: {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها}، ولو أننا توقفنا في أي عملٍ جاد لأجل المستهترين لما أُنجز العمل، وما تقدّم إنسان، واعلمي أن الجامعة الكسب فيها للطالبة أو للطالب باجتهاده وحرصه، فالجامعة تُخرّج علماء وتُخرج إلى جوار العلماء جُهلاء، لكن المجهود الأكبر على الطالب، فالمعلومات مُتاحة وموجودة، وفي زماننا الكثير من المعلومات متاحة، والإنسان يحتاج في الجامعة إلى أن يأخذ مفاتيح العلم، أمَّا العلم فيناله باجتهاده وبحثه ودخوله للمواقع المختصة.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً