الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري ورجوعه بين فترة وأخرى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 35 سنة، أعاني منذ حوالي 15 سنة تقريبًا من الوسواس القهري الفكري والقلق، بدأت بعلاجات متنوعة مثل: سيبراليكس، ولوسترال، سيروكسات، وفي فترات متقطعة كلما شعرت بالتحسن أوقف الدواء، وبعدة فترة مثل سنة أو أكثر تعود لي الحالة بأفكار جديدة وسواسية وقلق جديد، آخر حالة جائتني منذ حوالي سنة و8 شهور أو أكثر، ذهبت لطبيب مختص وشخص حالتي أنها وسواس قهري، أعطاني 3 أنواع من الأدوية، فافرين 250، انتبرو 10، وريسبال نصف حبة، أعتقد 2.5

الحمد لله تم التحسن بنسبة كبيرة مع بقاء القليل من الأفكار التي ستختفي مع مرور الوقت -إن شاء الله-، بعد سنة و8 شهور، أخبرني الطبيب أن الفترة كافية، وحان وقت إيقاف الدواء، وبالفعل أوقفت الدواء بشكل تدريجي على مدى شهر ونصف.

سؤالي: هل هذه الفترة كافية لعلاج الوسواس القهري والقلق المتكرر على مدى 12 سنة، أو أكثر؟ هل أحتاج إلى فترة علاجية وقائية لمدة طويلة باستخدام حبوب بتركيز بسيط؟

علمًا أني بعد التوقف الكامل قبل شهر أصبحت تأتيني حالات قلق وتعرق وخوف بدرجات مختلفة، وسرعة قذف شديدة، وتشنجات قولون شديدة، لكن مع الوقت أصبحت هذه الأعراض أقل وترجع حسب الحالة النفسية، مع العلم اختفى الوسواس القهري.

فهل هذه تعتبر انتكاسة؟ وهل أحتاج فترة علاجية أطول؟ أخاف أن يرجع لي الوسواس، أم يجب الاستمرار على حبوب بعيار خفيف لتستقر حالتي؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ولديك استشارات سابقة، أجبتُ أنا على أحدها عام 2015، وأقول لك أن الأدوية مفيدة جدًا لعلاج الوساوس القهرية وعلاج المخاوف، وتُؤدي إلى تحسين المزاج، لكن الاعتماد على الأدوية فقط خطأ، لا بد أن تكون هنالك برامج سلوكية واضحة ونهج حياتي واضح وسليم، فيما يتعلّق بعلاج هذه الحالات، حالات الوساوس القهرية.

فأنت مثلاً: يجب أن تُحقّر الوسواس، هذا مهمٌّ جدًا، يجب أن تنفّر نفسك من الوسواس، بأن تربطه بشيء مخالف تمامًا، ويجب ألَّا تخوض في حوار ونقاش الوساوس، هذا كلُّه مهمٌّ.

والأمر الآخر هو: أن يكون نمط حياتك نمطًا إيجابيًّا، وذلك من خلال: تجنُّب السهر، تجنُّب النوم النهاري، ممارسة الرياضة، الإكثار من التواصل الاجتماعي، تجنُّب الفراغ الزمني والذهني، أن تكون لك آمال وطموحات، أن تكون مُجيدًا لعملك ... هذا كله مهم وضروري، وهذا هو الذي يجعل الوساوس القهرية تختفي، والإنسان الذي يجعل نمط حياته إيجابيًّا لا تأتيه الانتكاسات، أمَّا الذي لا يجعل نمط حياته إيجابيًّا تأتيه الانتكاسات بعد التوقُّف من الدواء، لا بد أن أقولُ هذه المعلومة لك – أخي – بكل أمانة وبكل مصداقية وصراحة.

لا أريد أن أحبطك أبداً، لكن أريد أن أشجّعك على المناهج العلاجية الطبيعية المتاحة في مجتمعاتنا وبيئتنا، والإنسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يحب أن يكون في وحدة وعزلة، بل يحب أن تكون له رفقة وأسرة، فأرجو -أخي الكريم- أن تأخذ نصيبك من هذه المناهج الطبيعية.

أنا أعتقد أن الأدوية التي تتناولها هي أدوية ممتازة، وبجرعاتٍ كافية جدًّا، والطبيب – جزاه الله خيرًا – أعطاك ما هو مناسب، وأنت الآن في التوقّف التدريجي من هذه الأدوية.

لكن أنا أعتقد أنك إذا بقيت على الـ (انتبرو) وهو الـ (اسيتالوبرام) لفترة ستة أشهر أخرى كعلاج وقائي، هذا قد يكون أفضل، يعني: تتوقف عن الـ (فافرين) وعن الـ (رزبريادون)، لا داعي لكلاهما، لكن ظلّ على الاستيالوبرام لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة واجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك – أخي الكريم – على ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً