الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التفكير الزائد والمزعج مع الحزن بعد زواجي.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة، وعندي طفل، وأعاني من التفكير الزائد والمزعج وكل الافكار سلبية، ومخيفة، ولا أستطيع التخلص منها، أحاول إسعاد نفسي، لكني أشعر بالحزن.

أول الأعراض منذ ثلاث سنوات، قلق دائم، وخوف من نظرة الناس، ورجفة في الرأس والعمود الفقري واليدين، ولا يوجد رغبة في قضاء يومي أبدا، وتأتي الحالة باستمرار من الأفكار السلبية، وخوفي من الناس، وأول ما أستيقظ من النوم تأتيني أفكار كثيفة ومتفاوتة وكأن ثلاثة أشخاص يكلمونني، وأشعر بالانزعاج والتعب والإرهاق الدائم، وعدم الكمال، اشتقت لنفسي قبل المرض، وعشت مع أهل زوجي لمدة ثماني سنوات، نسيت ما أحب، ودائماً كنت أشعر معهم بالقلق والضغط حسب أجوائهم، والآن أسكن لوحدي مع زوجي وطفلي، لكن الأعراض زادت، والأفكار زادت ليس لدي أصدقاء، ما الحل للتخلص من التفكير؟ ولأصبح إنسانة إيجابية وسعيدة لأستعيد نفسي القوية المرحة.

يصاحبني مع الأفكار، تنميل بالرأس وفي أعصاب رأسي من جهة اليمين واليسار بجانب العينين، أخاف من نظرة الناس كثيراً، وإذا تعرضت للإهانة أخاف الرد أشعر بجسدي كله يرجف ومتوتر إذا تعرضت لمشكلة وخاصة من أهل زوجي، خوفي كله لم يكن موجوداً قبل زواجي.

أشعر ببرق في يدي عندما أحزن، وأوقات كثيرة أستيقظ من نومي بفزع مع تسرع بضربات القلب، ولا أستطيع أن أنام ثانية، أشعر بإحباط، وأريد أن أعود لضحكتي وطمأنينة حياتي. ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Zahraa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية والشفاء.

أنا تدارستُ رسالتك وتفهمتها إن شاء الله تعالى بحدود ما هو ممكن، وأعراضك بالرغم من أنها قد تُعطي انطباعًا أنه لديك اكتئاب نفسي شديد، لكن هذه ليست حقيقة، الحمد لله الأمر أخف من ذلك كثيرًا، فلديك ما نُسمّيه بالقلق الاكتئابي من الدرجة البسيطة إلى الدرجة المتوسطة، وهذا إن شاء الله تعالى يمكن علاجه، ربما تكون هنالك بعض الرواسب السلبية هي التي أثرت عليك مع الاحترام الشديد لأسرتك الكريمة وأسرة زوجك، ربما تكوني فيما مضى غير مرتاحة في السكن مثلاً، وربما أيضًا شخصيتك حساسة، وهذا أدّى إلى نوع من الاستعداد أو البناء النفسي السلبي لتظهر لديك هذه الأعراض.

أنت مطالبة بأن تعيشي قوة الآن، وأقصد بذلك أن الحاضر دائمًا أقوى من الماضي، ودائمًا أنفع من الماضي، ودائمًا نستطيع أن نتحكّم بحاضرنا، لكن ماضينا وحتى المستقبل لا نستطيع أن نتحكّم فيه، والمستقبل دائمًا ضعيف.

فأنا أريدك أن تعيشي قوة الحاضر، أن تعيشي قوة الآن، والمستقبل تنظري إليه بإيجابية تامّة، وكل شيءٍ بيد الله تعالى، فأنت محتاجة لمزاج إيجابي من صُنعك أنت وليس من صُنع أي أحد، تأمّلي وتدبري في أسرتك الكريمة (زوجك، طفلك)، الحمد لله تعالى أنت في بدايات سِنّ الشباب، طاقات نفسية وجسدية عظيمة، أنت في أُمّة الإسلام، هذه الأمة التي كرّمها الله تعالى، وأنت تسكنين في بلدٍ ما شاء الله تبارك الله فيه كل وسائل الحياة الطيبة، فإذًا اجعلي تفكيرك إيجابي، وهذه هي النقطة الارتكازية لعلاج مثل حالتك هذه.

والنقطة الثانية هي: أن تُحقري الفكر السلبي، وألَّا تعيشي في الماضي، وأن تكوني إنسانة متفائلة، وأن تقبلي الناس كما هم لا كما تُريدين، وأن تتعاملي الناس من خلال أخلاقك أنت وليس أخلاقهم هم، وأن تحرصي على أمور دينك، وأن تُحسني إدارة وقتك.

من أهم الأشياء التي يجب أن تكون مصاحبة لأنشطتك اليومية – طبعًا بجانب الواجبات المنزلية والزوجية – هو أن تمارسي رياضة، رياضة المشي جميلة جدًّا ومهمّة جدًّا.

أيضًا تجنّبي النوم النهاري، لأنه يؤثر على النوم ليلا، وتحرصي دائمًا على النوم الليلي، هذا مهمٌّ جدًّا، وعليك بالقراءة والاطلاعات، يا حبذا لو انضممت لأحد حِلق القرآن أيضًا لتدارس القرآن، هذه الحلقات عظيمة وتحفّها الملائكة، وفيها إن شاء الله السكينة والرحمة، مهمّة جدًّا من وجهة نظري من الناحية العلاجية لكثير من الناس خاصة في وقتنا وزماننا هذا.

هذا هو الذي أنصحك به، وأعتقد أنك لو أخذت ما ذكرتُه لك من آليات علاجية، نعم أنا ذكرتها في خطوط عريضة وباختصار، لكن إن شاء الله تعالى مفهومة، واجعلي نمط حياتك ونمط تفكيرك على الأسس التي ذكرتُها لك.

طبعًا لا بأس أيضًا من تناول دواء بسيط من الأدوية المُحسِّنة للمزاج، ولابد أن أختار لك دواءً سليمًا. عقار (اسيتالوبرام) والذي يُعرف تجاريًا باسم (سيبرالكس) سيكون هو الأفضل والأمثل، أنت لا تحتاجين له بجرعة كبيرة، إنما جرعة صغيرة جدًّا، الجرعة هي عشرة مليجرام يوميًا، هذه هي الجرعة الكاملة، لكن تبدئي بخمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم ترفعي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء. والدواء سليم، وفاعل، وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً