الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار سلبية تكاد تدمرني، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

أريد نصيحتكم، أشعر أن نفسي تتلذذ بتعذيبي، أشعر بأن هناك أفكار في رأسي دائماً ما تفرض علي ذلك، كما وأن لدي أفكار سلبية ومقلقة ومرعبة دون أدنى إرادة مني.

أشعر أن نفسي تتعمد فرض الخوف والرعب من أتفه الأشياء التي ممكن أن تحدث، أو مستحيل أن تحدث، أشعر أني أريد أن أكون إنسانا صالحا يتقي الله، ولا يفكر في أي شيء سلبي، ولكن أول ما تخطر على بالي فكرة سيئة أظل أفكر بها، وأتعمق بها لأيام وشهور وربما سنة، كما أن عقلي يرفض أي فكرة أوجهها له بطريقة إيجابية، ويجعلني رغما عني أفكر بالسلبية.

قررت أن أنتحر، ولكن أرجع أخاف من الله، وأصبحت أسمع وأرى أو أتهيأ أمورا أتصورها، هي فقط ظواهر طبيعية ولكنني أحللها كأفعال شيطانية.

أشعر أني مسحور بلعنة الفكر السلبي؛ التي دائما ما تجعلني أفكر أن الشيطان أمامي ويتربص بي ويريد أن يؤذيني ويتحكم بأفكاري.

لقد وصلت لدرجة أن عقلي مثل المحرك لا يتوقف عن التفكير في الخوف والقلق والرعب، وعن ماذا سيفعل الشيطان معي غدا؟

وصلت لدرجة أني أصبحت أخاف بعض الأوقات وأغمض عيني لأنام، و لا أعلم ما السبب؟ وكأن عقلي يحدثني ويقول لي أنت عندما تغمض سترى ظلاما، ويفترض أن تخاف؛ فأخاف بالفعل.

لا أملك أي قدرة على أفكاري السلبية أو التحكم فيها أو حتى تقليلها، ولا أعرف ما الحل؟

أنا لست قريبا من الله، نعم، ولكني أحاول وأجاهد -والله-، وهناك أيضا أيام أتذكرها أشعر أني تقربت من الله فيها ولكني أصبحت بحالة نفسية أشد سوءا.

أرجو أن أجد لديكم الحل، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا

أخي الكريم: يبدو أنك وصلت لمرحلة متقدمة جدا في موضوع الأفكار السلبية إلى درجة الوسواس القهري، حيث قررت الانتحار ولكن منعك من ذلك خوفك من الله تعالى، وهذا يشير إلى أنه ينبغي عليك عرض نفسك على الأخصائي أو الطبيب النفسي لقياس شدة الوساوس، ووضع البرنامج العلاجي المناسب، وربما قد يحصل تدخل دوائي لتخفيف حدة الوساوس القهرية، هذا بشكل عام ما يتعلق بمشكلتك.

أما موضوع التصورات والتهيؤات في الهلاوس السمعية والبصرية، فقد تكون بسبب شدة المخاوف، كما قد يكون لها أسباب أخرى.

ما يتعلق بالأفكار الشيطانية والاعتقاد بأنك مسحور، قد تكون مجرد أوهام وأفكار سلبية، ولكن هذا لا يمنع من الاستشفاء بالقرآن الكريم وبالرقية الشرعية، والمحافظة على التحصينات بالأذكار، فهذا إن لم ينفع فإنه لا يضر، مع أن القرآن شفاء حتى للأمراض الصحية وليس لمجرد الأمراض النفسية فحسب!

وقد ورد في حديث الذي لدغته العقرب ورقاه أبو سعيد الخدري بالفاتحة فشفي من سم العقرب، والسم هو ضرر مادي صحي، وليس ضررا نفسيا، ومع ذلك شفي هذا اللديغ برقية سورة الفاتحة، فالقرآن شفاء للأمراض الحسية والمعنوية.

للفائدة يمكنك رصد الأفكار الوسواسية في ورقة خارجية عبر ما يسمى بسجل الأفكار thoughts record ويمكنك العثور عليه في النت.

ويتكون في العادة من العناصر التالية: خانة في الجدول لتسجيل التاريخ والوقت، والخانة التي تليها يتم تسجيل الحدث الذي تتسبب في ظهور الفكرة الوسواسية، وفي الخانة الثالثة يتم تسجيل الفكرة نفسها، وفي الخانة الرابعة يتم تسجيل شعورك حيال هذه الفكرة، وفي الخامسة يتم تسجيل درجة شعورك من صفر إلى عشرة، وفي الخانة السادسة يتم ذكر المؤيدات للفكرة، وفي الخانة السابعة يتم ذكر المعارضات للفكرة، وفي الخانة الثامنة يتم ذكر شعورك بعد محاكمة الفكرة وفي الخانة التاسعة والأخيرة يتم ذكر شدة الشعور بعد محاكمة الفكرة من صفر إلى عشرة. على سبيل المثال: لو مررت ليلا بشجرة وجاءت فكرة وسواسية أنها وحش، فالحدث: هو المرور، والفكرة: أنها وحش، والشعور: سيكون الخوف، وهكذا.

وسجل الأفكار يدخل ضمن العلاج المعرفي للأفكار الوسواسية، ويمكنك الاطلاع على مقاطع يوتيوب تشرح لك الطريقة بدقة.

من المهارات التي قد تفيدك أيضا تمارين التنفس والاسترخاء حيث يمكنك العثور عليها في هذا الموقع برقم (2136015)

من المهم ألا تناقش الأفكار ذهنيا، وإنما يكفي كتابتها بطريقة يدوية كما في سجل الأفكار، وسوف تعمل هذه الطريقة على تحسين الأفكار لديك تدريجيا، لكنها لا تغني عن الدواء- فيما لو كنت تستخدم الدواء-ودوما نقول بأنه في مثل هذه الحالة الدواء أولا حتى يتسنى التدخل السلوكي ثانيا.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً