الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في تعب وهم بسبب وسواس مبيدات الحشرات

السؤال

السلام عليكم.

أرجو الرد على مشكلتي أنا أعاني حقا وأتمنى منكم مساعدتي، وآسفة حقاً على الإلحاح المستمر، كما أشكركم جزيل الشكر على تفهمكم.

أعاني من وسواس مبيدات الحشرات، وخصوصاً بودرة الحشرات دائماً أفكر أن أحد جيراني سيرشه علي عبر نوافذ شقته المتواجدة فوق نوافذ شقتي! ويتسلل إلى نافذتي، أو ستتناثر بعض غبار البودرة في الهواء في الأماكن المتواجدة بها عند مروري بأحد منازل ما في الشارع.

بسبب خوفي الشديد على ابنتي أصبحت أغلق النوافذ من كثرة الخوف، وخصوصاً أنه كان هناك علاقة سيئة في بعض الأيام مع الجارة الساكنة فوقي، وأخاف أن تنتقم مني بهذه الطريقة وهي رشي بغبار ما؛ فأصبحت أنظف غرفتي ومنزلي أكثر من عشر مرات في اليوم، وأقول في نفسي ربما التصقت غبار بودرة الحشرات بالحائط، وطفلتي دائماً تلعب، ومنعت زوجي من أن يضع أي كيس مشتريات يحمله في الأرض داخل أو خارج المنزل.

كما منعت طفلتي من الخروج واللعب وقد كرهني زوجي من تصرفاتي، وقال لي ليس هناك شيء وعلي أن أزيل هذه الأفكار من رأسي، وأن لها لونا معروفا، وكل هذا من خيالي فقط!

أنا أقول له: إنه إذا تناثرت في الهواء لن تصبح مرئية، ولاحظت أنه لم يعد يطيقني، وأنا أيضاً لم أعد أهتم به، وحتى لم أعد أطبخ جيداً، لدرجة أني لا أنام جيداً، كل مرة أستيقظ في الليل، وأنظر هل قام أحد برش بودرة على منزلي، فقد أصاب بالجنون!

هل يجب علي كل مرة التنظيف وغسل يدي عشرات المرات؟

أرجوكم ساعدوني من فضلكم، وأشكركم جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

وساوسك هي وساوس أفعال وطقوس، وذات طابع ظناني من حيث المكوّن الفكري، وأتفق معك أن هذا وسواس مزعج، لكن يمكن أن يُعالج، ويجب ألَّا تتعايشي مع هذا الوسواس، أولاً: يجب أن يكون هنالك تحقير تام لهذه الأفكار، ويجب أن تصرفي انتباهك عنها وتستبدليها بأفكارٍ مخالفة تمامًا.

أنا أراك أيضًا في حاجة لعلاج دوائي، ويا حبذا لو ذهبت وقابلت طبيبًا نفسيًّا، الوساوس الشكوكية تتطلب علاجًا دوائيًا مكثَّفًا، وذلك بجانب الجلسات النفسية.

من أفضل الأدوية التي تُعطى في هذه الحالات عقار (بروزاك) بجرعة تصل إلى ستين مليجرامًا في اليوم على الأقل، تكون البداية عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم أربعين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ستين مليجرامًا يوميًا، وهذه يستمر عليها الإنسان إلى أن تتحسَّن أحواله تمامًا.

بعد ذلك يبدأ في خفض الجرعة ليجعلها جرعة وقائية، أي: أربعين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

الدواء الآخر الذي نصفه في مثل هذه الحالات عقار يُسمَّى (رزبريادون) والجرعة في البداية هي: واحد مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم تكون الجرعة اثنين مليجرام ليلاً، ويكون الاستمرار عليها حتى تنقضي هذه الأعراض تمامًا.

أنا أفضل حقيقة أن تذهبي وتقابلي الطبيب، هذه نصيحتي لك – أيتها الفاضلة الكريمة – قابلي طبيبًا نفسيًّا، وبعد ذلك يمكنك أن تتواصلي معي، لكنّ الحالة تتطلب العلاج، الحالة يمكن علاجها، خاصة التنظيف المستمر، وغسل اليدين؛ هذا له برامج وتطبيقات مُعينة، يُعرَّض فيها الإنسان لمصدر وسواسي، ويُمنع من الاستجابة السلبية.

يعني مثلاً: المعالِجة يمكن أن تضع على يديك بعض الأشياء المتسخة وتمنعك تمامًا من غسل يديك لمدة عشر دقائق، بعد ذلك يتم إعطائك كمية مُحددة جدًّا من الماء لتقومي بغسل يديك... وهكذا.

هذه برامج مفيدة جدًّا وفاعلة جدًّا، ويمكن أن تُطبقيها لوحدك، لكن أنا دائمًا أكثر ميولاً لأن تُطبق هذه البرامج تحت إشراف المعالجين، لأن المعالِج يكون هو القدوة، وبعض المعالجين يقومون بممارسة العلاج بأنفسهم، بمعنى أن يضع المعالِج هذه المادة غير النظيفة على يديه، وفي ذات الوقت بالنسبة للمريض يضع المادة، وهنا يكون هنالك نوع من التحفيز من خلال التشابه أو التماثل أو القدوة العلاجية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً