الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة فتركتني ولا أستطيع نسيانها، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

مررت بكافة أنواع الوساوس منذ طفولتي واستطعت تحملها جميعها، والآن لا أستطيع لأنني أحببت فتاة لمدة 3 سنوات وكنت أريد الذهاب لخطبتها، لكنها تركتني بسبب مشاكل بدأت منها وانتهت بي.

لا أستطيع نسيانها، كل ثانية تخطر على بالي، أحبها كثيرا ولا أستطيع تقبل تركها لي، كانت نيتي خطبتها، وقبل أن تتركني بفترة قصيرة قلت لها أريد أن أتكلم مع والدي لنأتي لنخطبك، لكنها رفضت وقالت: لا أريد.

لا أستطيع نسيانها، كانت لدي وساوس موت، وبعدما تركتني أصبحت أتمنى الموت، لا أستطيع نسيانها، أحبها كثيرا، كانت تقف معي ضد كل الوساوس وتنصحني.

أراها بكل مكان، أحس بوجودها، أريد أن أنساها لا أستطيع.

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hamza حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك عاجل العافية والشفاء من هذه الوساوس.

وبخصوص ما ذكرت من تعلُّق قلبك بهذه الفتاة نصيحتُنا لك تتلخص في أمور:

الأول: أن تعلم يقينًا -أيها الحبيب- أن الله سبحانه وتعالى يُقدّر الأمر لك بما فيه مصلحتُك، ويعلمُ سبحانه وتعالى ما لا تعلمه أنت، وهو أرحم بك من نفسك ومن أُمِّك وأبيك، فلا يُقدّر لك إلَّا ما فيه الخير، كن واثقًا بهذا، وتذكّر رحمة الله تعالى ولطفه وبِرَّه بك، هو الذي خلقك وأوجدك وأنعم عليك، فتدبيرُه لأمرك خيرٌ لك من تدبير نفسك لنفسك، {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، هكذا قال الله تعالى في كتابه.

الأمر الثاني -أيها الحبيب- : أن العشق مؤلم للقلب ومرضٌ له، والخير كل الخير في مدافعته ومداواته، فإنك مهما تعلَّقت بهذه الفتاة وعشقتها وأنت لا تستطيع الزواج بها -أو لا ترضى هي أن تتزوج بك- فإن هذا التعلُّق وهذا العشق يُصبحُ ضارًّا لك دون منفعة أو فائدة.

فالخير كل الخير إذًا أن تُجاهد نفسك وتسعى للتخلص من هذا العشق بما أمكنك من الوسائل، والأقدار تُدافع بالأقدار، فإذا كان الله تعالى قد قدّر عليك حُب هذه الفتاة والتعلُّق بها فإن هناك أقدار يمكنك أن تأخذ بها لتدفع عن نفسك هذا القدر، ومن هذه الأسباب أن تقطع كل شيءٍ يُذكّرُك بهذه الفتاة، وأن تلجأ إلى الله تعالى، وتدعوه كثيرًا ليشغلك عنها، ويُنسيك إيَّاها.

والأمر الثالث: اليأس، فإن النفس إذا يئستْ من الشيء نسَتْهُ، فدائمًا ذكّر نفسك باليأس من هذه الفتاة، وأن الزواج بها قد لا يكون ممكنًا بسبب رفضها ورفض أهلها، وإذا يئست النفس فإنها يسهلُ عليها حينها أن تنسى.

ومن الأسباب والوسائل أيضًا: محاول الاستبدال، فإن الحلال واسع وفضل الله تعالى كبير، والذي علَّق قلبك بهذه الفتاة سيُعلِّقُها بغيرها ممَّن تُشاركها في الصفات والأسباب التي دعتك لحُبِّها، فالفتيات سِواها كثير، بل وفي الفتيات الأخريات ما هو أولى بالتعلُّق به من هذه الفتاة، مهما حاولت نفسُك أن تُظهرها لك بصفاتٍ تنفرد بها، فإن الجميلات كثير، والمؤدّبات كثير، والمتدينات كثير، وغير ذلك من الصفات، والاستبدال -أيها الحبيب- من أعظم الأسباب للنسيان وقطع التعلُّق بهذه الفتاة، وأنفع هذا الاستبدال أن تُسارع بالزواج ما أمكنك، فتختار الفتاة المناسبة وتتزوجها، وسيُسهّل الله تعالى لك قطع هذا التعلُّق بالفتاة السابقة.

هذه الوصايا والنصائح التي يمكن أن تأخذ بها لمدافعة هذا القدر الذي نزل بك، ونحن على ثقة من أن الله تعالى سييسّر لك الأمر ويُعينك، فالجأ إليه -سبحانه وتعالى-، واطلب منه التيسير للعمل بهذه النصائح والوصايا.

وهذا كلُّه مبنيٌ على أن الزواج بهذه الفتاة صار أمرًا متعذِّرًا أو متعسِّرًا، أمَّا إذا أمكنك أن تستعين بمن لهم قدرة على إقناعها وإقناع أهلها بالزواج بها فهذا خيرٌ كثير، ولكن كن راضيًا بقدر الله تعالى، فإذا كان الله تعالى اختار لك غير هذه الفتاة فاعلم أن اختيار الله تعالى لك خيرٌ من اختيارك لنفسك، وليس بالضرورة أن ما تُحبُّه وتهواه هو النافع لك.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ثم يُرضّيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً