الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي وسواس في الطهارة ويدخلني الشك كثيرًا، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي الوسواس في الطهارة حيث يدخلني الشك كثيراً.

أترك الملابس في المنزل وأذهب إلى العمل، وعند العودة أرتدي تلك الملابس فأقول في نفسي: ربما زوجتي أو أولادي ذهبوا إلى المرحاض ولم يغسلوا جيداً، ثم لمسوا هذه الملابس بأيديهم وهي نجسة، فتنجست الملابس، وأبقى في وسواس متحيرًا من أمري!

في الأخير تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

هذا - إن شاء الله - نوع من الوسواس البسيط، التغلب عليه ليس بالأمر الصعب أبدًا، المهم هو أن تكسر شوكة الاستحواذ والإلحاح الذي يتميز به الوسواس، وهذا يمكن أن يصل إليه الإنسان من خلال تحقير الفكرة الوسواسية وعدم اتباعها، والإصرار على ذلك.

أخي الكريم: حين تأتيك هذه الفكرة - أي فكرة أن زوجتك وأولادك قد دخلوا المرحاض ولم يغسلوا جيّدًا، وهذا قد ينقل النجاسة لملابسك - هذه الفكرة يجب أن تُقابلها من خلال التحقير والتجاهل التام، وتُطبّق عليها ثلاث تمارين نسميها بالتمارين السلوكية.

التمرين الأول يُسمّى تمرين (إيقاف الأفكار): اجلس في مكان هادئ، وتصور أن الفكرة مجسّمة أمامك، وتُخاطبها مخاطبة مباشرة: (أقف، أقف، أقف، أنتِ فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أهتمّ بك، أنت تحت قدمي)، وتُكرِّر هذا عدة مرات لمدة دقيقتين مثلاً.

ثم بعد ذلك تنتقل إلى التمرين الثاني وهو ما نسميه بـ (صرف الانتباه). الفكر الإنساني بصفة عامة يوجد في شكل طبقات، والإنسان دائمًا يهتمُّ بما يكون في الطبقة الأولى للفكر، وبكل أسف الوساوس عند بعض الناس تشغل هذه الطبقة الأولى من الأفكار، ولذا نقول للناس: يجب أن تستبدلوها بفكرة أفضل منها، بفكرة أجمل منها، بفكرة أكثر فائدة منها.

مثلاً يمكنك أن تستجلب هذه الفكرة الوسواسية التي تحدثت عنها، وفجأة تنتقل لفكرة أخرى، فكرة ممتازة، فكرة أكثر أهمية، مثلاً تتأمّل في التنفُّس لديك، كيف أن هذا الهواء يدخل في الصدر، وكيف أن الأكسجين يُنقل إلى الدم، وكيف أنه هو الذي يُزودنا بالطاقات، تفكّر في هذا الخلق العظيم، وتأمّل في عملية التنفس هذه، ثم قم بعدِّ التنفُّس لديك لمدة دقيقتين.

ستجد - يا أخي - أن هذه الفكرة أصبحت أكثر علوًّا وسموًّا من الفكرة الوسواسية، وهذا أيضًا أحد الحيل السلوكية الممتازة جدًّا ونسميه بـ (صرف الانتباه).

التمرين الثالث هو ما يُسمَّى بتمرين (التنفير): أن تنفِّر الفكرة الوسواسية من خلال ربطها بتفاعل مضادٍ لها، علماء السلوك وجدوا أن إيقاع الألم الجسدي على الإنسان يُضعف الفكرة الوسواسية، وهذا التمرين تطبيقه سهل جدًّا.

اجلس أمام طاولة خشبية مثلاً، واستجلب الفكرة الوسواسية، ثم فجأة قم بالضرب على يديك بقوة وشدة على سطح الطاولة حتى تحس بالألم. الهدف هو أن تربط هذا الألم الجسدي بالفكرة الوسواسية، وتُكرر هذا عدة مرات، عشرين مرة، خمسة وعشرين مرة مثلاً، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء. علماء السلوك وجدوا أن هذا يُضعف الفكرة أيضًا، لأن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في حيّز فكري واحد.

إذًا هذه هي التمارين الثلاثة المهمّة، وأريدُ أيضًا أن أصف لك دواءً، دواءً رائعًا جدًّا مضادًا لهذا النوع من الوساوس، والدواء غير إدماني، وغير تعودي، وليس له أي آثار جنسية سلبية. الدواء يُعرف باسم (فافري) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوفوكسامين)، تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائتين مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

وللفائدة راجع هذا الرابط: (2438243).

إذًا هذه هي الخطة العلاجية الواضحة، وأرجو أن تُطبقها، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً