الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا مصابة بعين؟

السؤال

كلما تحدثت عن أمر جيد حدث معي أو نعمة أنعمها الله عليّ تحدث مشكلة، مثلا إذا أخبرت صديقتي أنني ولله الحمد تمكنت من المداومة على صلاة الفجر في اليوم الذي بعده تفوتني الصلاة، لدرجة أصبحت أخاف أن أتحدث عن مثل هذه الأمور حتى لا تزول، مثلا إذا داومت على المطالعة وأخبرت أحدهم تحدث مشكلة وأنقطع عنها.

أيضًا إذا قلت أنني متفقة مع أبي، ولا تحدث مشاكل بيننا أفاجأ بگارثة بعدها، والله المستعان.

لم أفهم إن كنت أصبت نفسي بعين أم ماذا؟ فضلا أحتاج تفسيرا للموضوع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

العين حق – أيتها البنت العزيزة – كما أخبر بذلك الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ولتأكيد حقيقتها قال عليه الصلاة والسلام: (لو كان شيءٌ سابق القدر لسبقته العين)، وفي هذا الحديث يُرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن قدَرَ الله سبحانه وتعالى سابق، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

وهذه الأقدار – أيتها البنت الكريمة – قد كتبها الله تعالى قبل أن نُخلق، فقد ورد في الحديث أن الله تعالى قد كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقال: (جفَّ القلم بما أنت لاقٍ يا أبا هريرة)، وقال: (رُفعت الأقلام وجفَّت الصُّحف).

والأحاديث في شأن الإيمان بالقدر كثيرة، وقبل الأحاديث الآيات القرآنية الوفيرة الكثيرة، ومنها قوله سبحانه وتعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلَّا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.

فيُخبرنا سبحانه وتعالى أن كل ما يقع فينا وفي أموالنا مكتوب قبل وقوعه، وأخبرنا سبحانه وتعالى بالحكمة التي من أجلها أخبرنا بأنه مكتوب، حتى لا يُصيبنا الهمّ والحزن على ما يُصيبنا من المصائب، ولا يُصيبنا الفرح والبطر بما يأتينا من النِّعم، فالأمر كلُّه لله، يفعل ما يشاء ويحكمُ ما يُريد.

وإذا آمن الإنسان بقضاء الله تعالى وقدره فإنه يدخل جنّة عاجلة في هذه الدنيا، وهذا القدر لا يُنافي الأخذ بالأسباب المُباحة المشروعة، فإننا مأمورون بالأخذ بالأسباب. ومن الأسباب التي تحفظ من العين – أيتها البنت الكريمة – المداومة على ذكر الله تعالى، ولا سيما الأذكار الصباحية والمسائية، فإنها حِصٌ حصينٌ يتحصَّنُ بها الإنسان المسلم من كلِّ ما يُؤذيه.

ومن الأسباب المشروعة أيضًا: إخفاء النِّعم ممَّن يُظنُّ منه الحسد، فالكتمان أمرٌ مطلوب من الإنسان المسلم، وإخفاء النعم التي يُخشى على الإنسان بسببها، ينبغي أن يكون وسيلة لدى الإنسان في حفظ نعم الله تعالى عليه، وقد ورد في الآثار عن بعض الصحابة أنه فعل ذلك، فقد أمر عثمان – رضي الله تعالى عنه – بأن يُسوّدوا خدَّ طفل صغير كان جميل المنظر، فيه جمال حين يبتسم، فقال: (دَسِّمُوا نُونَتَهُ كَيْلا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ) و(نونته) أي الحفرة الصغيرة التي تظهر في الخد على بعض الناس حين الابتسام، أو (النَّقْرَةُ فِي الذَّقَنِ)، وهذا فيه إرشاد وتعليم إلى ستر النعم التي يُخشى على الإنسان بسببها، ولكن لا بد مع ذلك كلِّه من الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن القدر لا يُمكن لإنسان أن يُغيّره إذا كان الله تعالى قد أمضاه، فإذا آمن الإنسان بهذا استراح.

ولهذا نحن ننصحُك بأن تطردي عن نفسك أي أوهام يحاول الشيطان أن يُسرّبها على قلبك ليتسلَّط عليك بأنواع الحزن والغم، فإنه يقصدُ ذلك ويرجوه، كما قال الله سبحانه وتعالى: {ليحزُن الذين آمنوا}.

فدعي عنك التعلُّق ببعض الأوهام، واعلمي أن ما قد يُصيبك أثناء اليوم والليلة والأحداث هي أقدار مكتوبة، ولا تسترسلي مع وساوس العين أو أوهام العين، وهذا لا يمنع أبدًا أن تأخذي بالأسباب التي ذكرناها لك، ولا يمنع أيضًا من استعمال الرقية الشرعية للإنسان، فإنها تنفع ممَّا نزل وممَّا لم ينزل، بقراءة آية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، والفاتحة، والمعوذتين، وقل هو الله أحد، وقراءتها في ماء وشرب بعضه والاغتسال ببعضه، فإنه بإذن الله تعالى نافع.

نسأل الله تعالى لك كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً