الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انطوائية ومتكاسلة والناس تصفني بالغباء، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة كنت متفائلة جداً وطموحة، ولكني اليوم أحس بأنني فقدت الحياة بشكل نهائي، أمضي يومي كله فارغة، وضعي يتدهور، وأحتاج المساعدة، دائماً أقول سأبدأ غداً وأرتب وقتي وأنظمه بشكل جيد، لكن لا أفعل شيئا، كل يوم يتكرر نفسه بدون أي عمل أو دراسة أو قراءة... إلخ.

كنت أصلي ولكن بشكل متقطع، وأحياناً كنت أقرأ القرآن، والآن أنا لا أفعل أي شيء.

وأيضاً أنا متقلبة المزاج، وأعاني من كثرة التفكير، ومتكاسلة جداً، حتى دراستي أصبحت أراكمها كثيراً، والامتحانات أصبحت على الأبواب، ويقولون أنني غبية جداً ولا أفهم شيئا.

لقد أصبحت انطوائية، لا يوجد لدي صديقات أبداً، وأريد تطوير ذاتي، أريد قراءة الكتب، وأستيقظ مبكراً لأبدأ يومي بنشاط، لكنني أستيقظ متأخرة، أريد تنظيم وقتي من حيث الدراسة، وقراءة الكتب لأصبح مثقفة، أريد أن أنشط للصلاة أيضاً وقراءة القرآن الكريم، أريد الابتعاد عن الأكل غير الصحي.

رجاء أريد المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا

البداية هي من عبارتك "يقولون أنني غبية جدا ولا أفهم شيئا!"

هذه العبارة وأمثالها التي تسمعينها ممن حولك هي عبارات سلبية تحطم نفسيتك وتزرع فيك الإحباط، وبالتالي التراخي عن إنجاز مهامك..
قد لا يكون هذا هو السبب الرئيس في معاناتك، لكنه حتما أحد الأسباب في هذه المعاناة.

قد يكون هناك أسباب أخرى ربما تصل إلى حد الصدمات النفسية، وقد تكون أسبابا خاصة يخجل الشخص أن يصرح بها، لكن يكون لها نصيب الأسد في استمرار المعاناة والإحباط والشعور بعدم النفع والدونية.

دعينا نتعامل مع السبب الظاهر الذي تفضلت بذكره، وهو وصف الآخرين لك بتوصيف سلبي:
هذا يصنع عندك صورة ذهنية سيئة عن نفسك، وهذا أحد الأخطاء التربوية التي يقترفها الأهل مع أبنائهم وبناتهم، ومع أنفسهم كذلك، وهذا خلاف التوجيه القرآني بالنهي عن التنابز بالألقاب، والسخرية بالآخرين :

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَسۡخَرۡ قَوۡمࣱ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰۤ أَن یَكُونُوا۟ خَیۡرࣰا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَاۤءࣱ مِّن نِّسَاۤءٍ عَسَىٰۤ أَن یَكُنَّ خَیۡرࣰا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلۡأَلۡقَـٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِیمَـٰنِۚ وَمَن لَّمۡ یَتُبۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الحجرات ١١].

وهذه ضريبة عدم الالتزام بالآداب والتوجيهات القرآنية يدفعها الأهل في صحة أبنائهم النفسية!

أول خطوة هي تصحيح الصورة عن ذاتك لذاتك، بمعنى كيف تنظرين لنفسك، فمفهوم صورة الذات لديك self-image بحاجة لإعادة ضبط ومعايرة، لأن تقدير الذات self esteem يعتمد صعودا وهبوطا على صورة الذات نفسها..

وهناك ثلاث صور لتقدير الذات:
١-إما أن يكون تقدير الذات في الوضع الطبيعي مثل أن يتخيل الإنسان نفسه أنه مجرد إنسان.
٢-وهناك تقدير زائد للذات مثل أن يتخيل الإنسان نفسه بأنه أسد أو شجاع.
٣-وهناك تقدير منخفض للذات كأن يتخيل الإنسان نفسه بأنه قط أو جبان!
ومن هنا يتضح أن حالة الإفراط والتفريط هما حالتان مرضيتان:
فالإفراط في تقدير الذات يصنع شخصا نرجسيا معجبا بنفسه، بينما التقدير المنخفض للذات يصنع شخصا انسحابيا انطوائيا يكون صيدا سهلا للاكتئاب.
والوضع الطبيعي هو المطلوب وهو أن يرى الإنسان نفسه كما هي في الواقع.

فأنت لست غبية لا تفهمين شيئا، والدليل على ذلك أنك تنجحين في دراستك كل عام، ولا يفعل ذلك إلا الناجحون، ولكن أنت تمرين بظرف نفسي معين، أو أنك تعانين من صورة مشوهة للذات زرعت فيك الإحباط، هذا كل ما هنالك، وبالتالي فالحل هو في علاج هذه الأسباب.

من الخطوات التي قد تفيدك في هذا الجانب ما يلي:
- إعادة رسم خارطة أهدافك، لتتضح لك معالم الطريق مرة أخرى.
- اللجوء إلى الدعاء باستمرار، يمكن أن تخصصي وقتا معينا للدعاء، كما يمكن أن تدعي ربك في أي وقت من ليل أو نهار بدون أي مراسيم أو ترتيبات، وهذا يسهل عليك استحضار الدعاء، ولا يمنع هذا من وجود نوع معين من الدعاء تلتزمين معه الآداب المعروفة كالوضوء والتوجه إلى القبلة واستحضار الخشوع، والبدء بالصلاة على النبي ﷺ والختم بها.
- حافظي على أذكار الصباح والمساء، فهي الزاد الروحي اليومي الذي يمدك بالحيوية والنشاط، وللتسهيل يمكنك تحميل أحد تطبيقات الأذكار كحصن المسلم، والحرص على الأذكار المعروفة التي لا تشتمل على مخالفات شرعية.
- يمكنك زيارة أخصائية التغذية لمساعدتك على ترتيب جدول صحي للطعام.
- يمكنك اتباع نظام رياضي بسيط وغير معقد، تحافظين عليه كل يوم حتى تشعري بتجدد النشاط.
- يمكنك الالتحاق بالحسابات المنتشرة في فضاء التواصل الاجتماعي حول القراءة، وكيفية اختيار الكتب، واختيار المجال الذي تحبين القراءة فيه.
- الصلاة عمود الدين، ولا بد أن تعودي إليها بهمة ونشاط حتى يعود لك نشاطك في حياتك الدراسية والعملية.
- حتى تتجنبي تأجيل المواد الدراسية اجعلي لك جدولا أسبوعيا بالمواد التي سوف تذاكرينها، وخصصي لكل مادة أو مادتين يوما معينا.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً