الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق وخوف بسبب خطأ ارتكبته!

السؤال

السلام عليكم.

قبل تقريبا شهر ونصف تعرضت لصدمة كبيرة في حياتي؛ لأني فعلت خطأ كبير ولأول مرة في حياتي، حيث إن هذا الخطأ وللأسف مربوط بشيء آخر وهو مستقبل الشخص الذي أخطأت في حقه.

وبعد دخولي في هذه الصدمة التي فعلتها لم أقدر على النوم إطلاقا، أخذت حبة alprazolam ونمت بعدها وكنت أنهض صباحًا فزع وخائف من الذي فعلته.

بالرغم أنه عقليًا وأنا أخاطب نفسي أعلم يقينا أن الخطأ الذي ارتكبته يحدث كثيرا عند مختلف الناس، ولكني لربما إنسان عاطفي جدا وزدت حجم فعلتي.

استمريت بأخذ حبوب البرازولام خمس أيام لأنه يستحيل أن أنام بدونه وأنا بذلك التفكير السيء، ولكن بعدها تركته، والآن أكملت شهرا كاملا بدونه.

زرت طبيبا نفسيا وأعطاني حبوب بروكسيتين ١٠ ملغ بشكل مبدئي ولمدة شهر، ولكني استمريت عليه فقط ١٢ يوما وبعدها تركته لقوة الآثار الجانبية علي، حيث أحسست بالموت وأني سأفقد أبنائي وكنت أراهم وأبكي وهكذا، حتى صلواتي منذ شهر تقريبا وأنا أصلي أفكر في هذا الفعل الذي فعلته.

بعد 5 أيام قررت السفر لتغيير النفسية، وبالفعل تحسنت قليلا وبعد رجوعي من السفر جلست مع عائلتي وأنا أفضل قليلا، وبعدها ذهبت لمقر عملي وهو مكان بعيد، أي ذهبت بدون عائلتي وهنالك تعرضت لمواجهة مع نفس الشخص الذي أخطأت في حقه وقررت الانفصال وهدأت الأمور وأن أكون بعيدا عن ما حرمه الله تعالى، وكان النقاش لمدة ٣ أيام، وبعدها رجعت لي الوساوس والقلق والتفكير بالخطأ الذي عملته.

أنا بخير أوقات وأوقات لا، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الموقع، وأسأل الله لك العافية.

الذي حدث لك هو نوبة هلع كما تفضلت، وهذه النوبات في بعض الأحيان تكون لها مسبِّبات، المسببات قد تكون شديدة أو تكون أشياء بسيطة جدًّا، هي الرابط الذي أثار نوبة الفزع أو الهرع، خاصة إذا كانت الخلفية النفسية للإنسان تتميز بوجود قلق أو نوع من الهشاشة النفسية.

من وجهة نظري: الخطأ الذي أخطأته في حق ذاك الشخص يجب ألَّا تُكرره طبعًا، ويجب أن تُبدي الندم على ذلك، وأن تستغفر الله، وهذه هي شروط التوبة، {إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا}، فإن شاء الله توبتك تكون توبة نصوحة وثابتة وجدية ومقبولة إن شاء الله تعالى، وأي فكر وسواسي يحاول أن يدخل عليك ويُزعجك يجب أن تحقّره، ولا تلتفت إليه أبدًا، وحاول أن تملأ الفراغات في حياتك، الفراغ الزمني، الفراغ الوجداني، هنالك أشياء كثيرة يمكن للإنسان أن يقوم بها، أن تطور نفسك مهنيًا، أن تحرص على واجباتك الاجتماعية، وأن تصل رحمك، وأن يكون لك برنامج يومي تتعلّم من خلاله تجويد حُسن إدارة الوقت، هذه مهمّة يا أخي.

التمارين الرياضية أيضًا مهمة، والتمارين الاسترخائية مهمّة جدًّا، يجب أن تحرص عليها وتجعلها في جدول أعمالك، الالتزام بالواجبات الدينية أيضًا يجب أن تجعلها في منهج حياتك، والدعاء والورد القرآني اليومي ... هذه مُعينات عظيمة لحال الإنسان في حياته، لتصل إن شاء الله تعالى لمرحلة الثبات النفسي، وتكون صحتك النفسية صحة إيجابية جدًّا.

أنا أراك بصفة عامة جيدا، والحالة بسيطة، وإن شاء الله تعالى حتى تكتمل الأبعاد العلاجية يُفضل أن تتناول دواء بسيط. أنت ذكرت أن الـ (سيروكسات Seroxat) لم يتوافق معك، فأقول لك: البديل هو الـ (سيبرالكس Cipralex) الذي يُعرف علميًا باسم (اسيتالوبرام Escitalopram)، دواء مضاد للقلق على وجه الخصوص، وبصورة فاعلة جدًّا السيبرالكس أيضًا يُعالج نوبات الفزع، أنت تحتاج له بجرعة صغيرة، هناك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، تحصّل عليها، وابدأ في تناول الدواء بجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة - أي عشرة مليجرام - يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السيبرالكس. قطعًا هو دواء سليم وغير إدماني، ومفيد جدًّا، وكما ذكرتُ لك الجرعة التي وصفناها لك جرعة صغيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً