الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأن عقلي خفيف وأنني في حلم، ما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ سنتين أصبت بوسواس قهري، وهو الخوف من الموت، وكذلك أفكار تهاجمني ولا أستطيع التغلب عليها، فذهبت لطبيب الأمراض العقلية، ووصف لي دواء بناكين خمسين مليجرام، وسواليان 200 مليجرام، لكن حالتي تحسنت بشكل بسيط فقط، وبعدها طلبت تغيير الدواء؛ لأني أشعر أني كما أنا، فغيرته إلى زوالفت 50mg، واحتفظت بسواليان، وصارت الأفكار التي تهاجمني أقل، وتأتيني أحيانا بصورة قليلة.

مشكلتي الآن هي أنني في حياتي كأني لست هنا، وعقلي ليس معي، كأن عقلي خفيف، وكأني في حلم وأنا في الحياة مع الناس، وينتابني ألم وعصبية أحيانا، ومزاجي يكون سيئا، فأود معرفة ما هو تشخيص حالتي؟ وما هو علاجها؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

من خلال رسالتك أستطيع أن أستنتج أنه قد أصابك ما يمكن أن أسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي) وكان الخوف من الموت أحد الأعراض الجوهرية والمركزية، وهذا النوع من الخوف موجود، وكثيرًا ما يُدخل الإنسان في وسوسة.

تناولت العلاجات الدوائية مثل الـ (سوليان) والـ (زولفت) وذكرتَ أنك لم تحس بتحسُّنٍ ملحوظ، والآن لديك ما يمكن أن نسميه بـ (أعراض اضطراب الأنّية) أو (التغرُّب عن الذات)، وهذا نوع من القلق النفسي الخاص جدًّا، الذي قد يُصيب الذين يُعانون من (قلق المخاوف الوسواسي). أعرفُ أنها مشاعر سلبية جدًّا ومزعجة لك، لكن أؤكد لك أنها ليست خطيرة، وسوف تختفي تمامًا.

عليك بتجاهل هذه المشاعر وهذه الأعراض بقدر ما تستطيع، وعليك أن تستبدل أي فكرٍ سلبي بفكرٍ إيجابي، وعليك أن تُؤكد لذاتك أنك بخير، وذلك من خلال أفعالك ومشاعرك الإيجابية. لا تترك مجالاً للفراغ (الفراغ الذهني، والفراغ الزمني)، وهذا يتطلب منك أن يكون لديك برنامج يومي تُدير من خلاله وقتك، وخير مرتكز لحسن إدارة الوقت هو أن تبدأ بالنوم الليلي المبكّر، وأن تتجنب السهر.

النوم الليلي المبكّر يعطي الجسد ويعطي الدماغ - على وجه الخصوص - فرصة لتحدث تغيرات إيجابية كبيرة، يحدث ترميم كامل للخلايا الدماغية والجسدية، تُصحّح المسارات الفسيولوجية والكيميائية في الجسد، ويستيقظ الإنسان مبكّرًا، ويُؤدي صلاة الفجر، ثم يبدأ يومه؛ فالبكور فيه بركة كثيرة، واتضح أن كثيرًا من المواد الكيميائية المتعلقة بالموصّلات العصبية تُفرزُ في فترة الصباح. هذه نصيحة لك أرجو أن تأخذ بها.

كما أني أنصحك بممارسة الرياضة، الرياضة الجسدية فيها خيرٌ كثير جدًّا، فمارس أي رياضة مناسبة بالنسبة لك، بشرط أن يكون هنالك التزام، وبشرط أن تستغرق فترة التمارين الرياضية أربعين دقيقة إلى ساعة على الأقل، وألَّا تقلّ هذه الأنشطة الرياضية عن ثلاث مرات في الأسبوع.

عليك أيضًا بتمارين الاسترخاء؛ فهي تمارين فاعلة وممتازة جدًّا، تمارين التنفّس التدرجي، تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها. لو وجدتَّ مَن يُدرّبك عليها من الأخصائيين النفسيين فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تجد؛ فستجد برامج ممتازة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو الاستفادة منها أخي العزيز.

هذه هي النصائح العامة التي تُعالج حالة اضطراب الأنية وقلق المخاوف. واجعل لحياتك معنى، أنت الآن لا تعمل، أو أنك أُحلت للتقاعد، أخي الكريم: أنت في عمر هو عمر الإنتاج، عمر الفعاليات، فإن تقاعدت من عملٍ مُعيّن الجأ لعمل آخر، وانتقل لعمل آخر، قيمة الرجل في العمل، العمل هو وسيلة التأهيل، العمل يعطي الإنسان حقيقة الشعور بذاته بصورة أفضل.

وعليك أن تحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يكون لك ورد قرآني يومي، وأن تحرص على الواجبات الاجتماعية، تُشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، وتصل رحمك، وتكون بارًّا بوالديك...؛ هذه معاني عظيمة جدًّا، تنقلك حقيقة من الخوف والوسوسة والشعور بالأفكار القهرية السلبية المتسلطة.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فلا بأس أبدًا أن تستمر على الـ (زولفت Zoloft) حيث إنه دواء فعّال جدًّا، والجرعة التي تفيد هي مائة مليجرام كجرعة علاجية، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

ومن الأفضل أن تتوقف عن عقار (سوليان Solian) والذي يُعرف باسم (أميسولبرايد Amisulpride)، حيث إنه قد يُؤدي إلى ارتفاع في مستوى هرمون الحليب، كما أن الـ (اريبيبرازول Aripiprazole) أكثر فعالية وفائدةً حين يُلحق بالزولفت، فيمكنك أن تستعمل الإريبيبرازول بجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه، وطبعًا تتوقف تمامًا عن السوليان.

وبالنسبة لعقار (بيناكين pinaquine) والذي يُعرف باسم (كويتيابين Quetiapine): أعتقد أنك الآن توقفت عن تناوله، وفي جميع الأحوال إن كنت لا زلت مستمرًّا عليه فأرجو أن تتوقف عن تناوله.

هذه هي نصائحي لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً