الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اختلال الأنية، ووسواس الموت، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من اختلال الأنية والقلق الشديد منذ 4 سنوات، ومتأقلمة مع الوضع، ولا أستطيع مراجعة الطبيب، لكن الحالة بدأت تتعبني.

أشعر أن أهلي غرباء عني، وأراقب نفسي وأنا أتكلم، أستغرب من شكلي وصوتي، أشعر أني أقف خارج نفسي، لا أرغب في النظر إلى نفسي، ولا الاهتمام بلبسي، ولا الذهاب للعمل، وكل ذلك بسبب الوساوس والاختلال التلقائي يأتيني في دماغي، مع نوبات هلع التي قلت الآن.

كلما سمعت عن موت أحد، يتردد صوت داخلي أن هناك مصائب سوف تحصل، أعلم أنها بسبب تراكمات من الصدمات التي حدثت، والإحساس باختلال الأنية الذي لا أقدر على مواجهته، ولا أشعر بنفسي، وخائفة دائما، وأهرب بالنوم والبكاء المستمر، خاصة قبل الدورة الشهرية، علما أني أصلي وأقرأ القرآن، لكني تعبت، ممكن تفيدوني بوصف علاج دوائي من غير الذهاب لطبيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

كما تفضلت وذكرت أنت لديك نواة القلق قويّة نسبيًّا، والقلق طاقة إنسانية مطلوبة، فالذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يُوسوس لا ينضبط، والذي لا يخاف لا يتحوّط، لكن هذه الطاقات النفسية الإنسانية الإيجابية قد تزيد عن المعدل المطلوب ممَّا يكون له نتائج عكسية. فأنت الآن لديك قلق - كما تفضلتِ - ولديك مخاوف وسواسية، وبعد ذلك تحدثتِ أيضًا عن الشعور بالتغرُّب أو ما يُسمَّى بـ (اضطراب الأنّية)، وهذا التشخيص الأخير هو تشخيص واهي جدًّا، أريدك أن تعتبري حالتك هي نوع من قلق المخاوف الوسواسي، و-إن شاء الله- هو من الدرجة البسيطة، وأنت بالفعل محتاجة لعلاج دوائي، لأن العلاج الدوائي سوف يتحكّم في كيمياء الدماغ، ويحدث نوعًا من الهدوء النفسي والجسدي، وهذا الهدوء يُستفاد منه من أجل التطبيقات النفسية السلوكية.

إذًا سوف أبدأ بوصف الدواء، ومن أفضل الأدوية التي تفيد العقار الذي يُعرف باسم (سيبرالكس) هذا هو اسمه التجاري، ويُسمَّى علميًا (اسيتالوبرام) وربما تجدينه في مصر تحت مسميات تجارية أخرى. تبدئين بجرعة خمسة مليجرامات - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات - تتناولينها لمدة عشرة أيام، ثم تناولي حبة واحدة - أي عشرة مليجرامات - يوميًا لمدة أسبوعين، ثم حبتين - أي عشرين مليجرامًا - يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية، والتي يجب أن تستمري عليها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارجعي للجرعة العلاجية الوقائية؛ بأن تتناولي عشرة مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعليها خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول السيبرالكس.

وهنالك دواء تدعيمي آخر يُسمَّى (إريبيبرازول) أريدك أن تتناولينه بجرعة خمسة مليجرامات يوميًا.

هذه الأدوية يُفضل أن يتم تناولها في أثناء النهار، لكن إذا شعرت باسترخاء زائد أو قابلية أكثر للنوم فتناوليها مساءً. الإريبيبرازول خمسة مليجرامات يوميًا، تستمري عليه لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفي عن تناوله. أمَّا السيبرالكس فلابد أن تُكملي المدة العلاجية وبالجرعة المطلوبة. هذا من ناحية العلاج الدوائي.

بعد أن تهدأ نفسك قليلاً بعد بداية تناول الدواء أريدك أن تنخرطي في تطبيق تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة وتمارين قبض العضلات وشدها مهمّة ومفيدة جدًّا، فيمكن لأي أخصائية نفسية أن تُدربك على ذلك، وإن صعب عليك الذهاب إلى أخصائية نفسية فهنا يمكن أن تستعيني بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، وتطبيق تمارين الاسترخاء، لكن يجب أن يكون ذلك بجدّية والتزام.

طبعًا الأفكار الوسواسية يجب تحقيرها، لا تخوضي في حوارها، لا تخوضي في نقاشها أبدًا، وحين تأتيك الفكرة انتقلي إلى فكرة أخرى، فكرة تكون أكثر جدّية وأكثر منفعة، هذا نسميه بـ (صرف الانتباه)، أن تُحقري الفكرة الوسواسية لكن إذا ألحّت عليك هذه الفكرة استجلبي فكرة أخرى، تذكري شيئًا جميلاً وطيبًا في حياتك مثلاً. هذا نوع من العلاج الجيد والعلاج المفيد.

وأيضًا تجنبي الفراغ - الفراغ الزمني والفراغ الذهني - يُسبّب إشكالات كثيرة للناس، فأحسني إدارة وقتك، وتجنّبي السهر، حيث إن النوم المبكّر مفيد جدًّا للإنسان، يحدث نوعًا من الترميم الكامل للنفس وللجسد، ويستيقظ الإنسان مبكّرًا، ويبدأ يومه بصلاة الفجر. هذه فاتحة عظيمة جدًّا لليوم.

أيضًا أريدك أن تتواصلي اجتماعيًّا مع صديقاتك، لا تتخلفي عن الواجب الاجتماعي، يجب أن يكون لديك وجود حقيقي وسط أسرتك، وكوني بارَّةً بوالديك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً