الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مضى العمر وأنا محروم من حقوقي الزوجية.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا رجل عمري 55 سنة، متزوج منذ 28 سنة، أعاني من العقم، ولكن الله رزقني ببنت عن طريق أطفال الأنابيب بعد عدة محاولات، وابنتي بعد 4 شهور ستتخرج في الجامعة بدرجة دكتورة طب بشري، وستنخطب لشاب زميلها في الكلية -إن شاء الله-.

أنا شخص أحب العلاقة الحميمية كثيرا، ولكن زوجتي أظنها لا تحبها، ولكنها تنكر ذلك، وعند ممارستها تحتاج لبروتوكول خاص، منذ 20 سنة عملت زوجتي كمدرسة، وبدأت تخف في تلبية رغباتي الغريزية رويدا رويدا، ومرت الأيام، وهي أحيانا تعطيني ما يرضيني وأحيانا كثيرة تعتذر لعدة أسباب، وكانت تخلف معظم الوعود التي تعطيني إياها لاحقا لإرضائي، حتى وصلت عمر 55 سنة، فوجدت نفسي أنني لا أستطيع القيام بالعلاقة الحميمية على أكمل وجه، حيث أعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري.

أصبت بخيبة أمل كبيرة وشعور قاتل، وحالة نفسية لا يعلمها إلا الله، لأنني لم أشبع رغبتي الغريزية خلال 28 سنة زواج.

والآن عجزت عن التمتع برغبتي الغريزية كما يجب حتى الممات، فالزواج هو وسيلة لتحقيق وإشباع الرغبة الغريزية كما أحلها الله، ولكن التقصير وهروب زوجتي بأسباب واهية مرت الأيام دون إشباع لرغباتي التي خلقها الله -عز و جل-، وأوجدها في نفسي وجسدي.

الآن لا أستطيع أن أسامحها، أو قبول عودة علاقتي بها كما كانت طبيعية! وأنا أعيش في دولة أوروبية، لا أدري ما أفعل؟ فأنا أعيش في جحيم دون أن يدري أحد، وأعيش معها بجسدي فقط! هل أطلقها؟ وأنا ما زلت بحاجة إلى امرأة بجانبي، لا أدري ما أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ H.S.B حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُؤلّف القلوب، وأن يغفر الذنوب، وأن يُلهمنا السداد والرشاد، وأن يُغنينا بحلاله عن الحرام.

طبعًا نحن لا نوافق الزوجة على تقصيرها الذي حصل منها، ولا نوافق كذلك على الاستعجال في طلاقها، وندعوك إلى التفاهم معها، وأرجو أن تتواصل مع الموقع لتعرض ما عندها. ونحب أن ننبّه أن المرأة تنفر من هذه العلاقة إذا كان الرجل لا يُعطيها ما تستحق، فإن الأمر مُشترك، وهذا الأمر إذا فُقد فإنه يُتعبها جدًّا، ولذلك الإنسان ينبغي أن يهتمّ في هذه العلاقة بإشباع رغبة الطرف الثاني.

ولا نُؤيد فكرة الندم على ما مضى، بل احمد الله تبارك وتعالى الذي هيأ لك هذه الفرصة ورزقكم بالبنت الطبيبة، ومتّعنا جميعًا بالعافية، فالإنسان ينبغي أن يذكر ويشكر نعم الله تبارك وتعالى عليه؛ لأننا بشكرنا لربِّنا ننال المزيد، وإذا جاءتك هذه الفكرة السالبة فتعوّذ بالله من شيطانٍ لا يريد لك السعادة، وهمُّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، إذ لا يصلح بعد هذه السنوات الطويلة والصبر منك ومنها على هذه الحياة أن تأتي لتلومها وتُعاتبها على تقصيرٍ حصل لسنواتٍ ماضية.

وفي استشارتك ما يدلُّ على أن الأمر كان يحتاج إلى بروتوكول ومراسيم، وهذا أمرٌ من الأهمية بمكان، فإن الإنسان ينبغي أن يكتشف مواطن الإثارة عند الشريك، وفعلاً يهتمّ بإشباع رغبة الطرف الثاني، لأن العلاقة ينبغي أن تكون متبادلة، والمتعة كذلك ينبغي أن تكون مشتركة، وهذا من أحسن ما يُؤيّد استمرار هذه العلاقة.

كما أرجو أن تعلم أن المرأة تحتاج إلى علاقة طويلة، وليس من الضروري المعاشرة، بل تريد أن تشعر بأنها محبوبة، وأنها في أمان، فإذا وفّر الزوج لزوجته الحب والأمان فإنها تغمره بالتقدير والاحترام.

ووجودك في دولة أُوروبية وفي بلدٍ فيه الفتن يُؤكد على أهمية الاستمرار في هذه العلاقة، وأكرر رغبتنا في دعوة هذه الزوجة لكتابة ما عندها، والتواصل مع الموقع، حتى نحضّها على القيام بما عليها، علمًا بأن الإنسان قد يُصاب بالأمراض المذكورة، لكن يظلّ الشوق موجودًا، فعليها أيضًا أن تكون قريبة، وأن تكون هناك لحظات حميمية، وتجتهدا في أن يُسعد كل طرف الطرف الآخر، ولو بالتعبير عن المشاعر الجميلة، وإعادة شريط الذكريات الرائعة التي مرّت خلال هذه الحياة.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يستخدمنا في طاعته، وأن يشغلنا بما خُلقنا لأجله، وأرجو أن تعلم أن هذه المتعة الإنسان يستكملها -بإذن الله- في جنّة الله مع الحور العين إذا هو أطاع الله تبارك وتعالى، وهي أيضًا ليس هدفًا في حدِّ ذاتها، لكنها هي شهوة يُخرجها الإنسان من أجل أن يستأنف حياته، من أجل أن يُحقق مُراد الله في إعمار هذا الكون، من أجل أن يُحقق هذه اللذة الحلال التي نسأل الله ألَّا يحرمنا منها في الدنيا، ولا يحرمنا منها في الآخرة في جنّته ودار كرامته سبحانه وتعالى.

أكرر: دعوتي لك بالتمسُّك بالحياة الزوجية، مع ضرورة تواصل الزوجة حتى تفهم ما عليها، فهي طرف أساس في تحقيق السعادة في داخل البيت، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً