الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصاب بالأرق بعد قيامي بالعادة السرية، فكيف أتركها؟

السؤال

السلام عليكم.

عندما أفعل العادة السرية أصاب بخفة في جسمي، وأرق قوي يمتد لأسبوع، مع اضطرابات متقطعة وخفيفة، علما أني كنت أفعلها سابقا وبعدها أشعر بتعب شديد وأنام بعمق، بعكس الآن سببت لي الاكتئاب لعدم النوم، وكلما أقول سأتركها تأتيني الاستثارة من هنا وهناك، علما بأني محافظ على الرياضة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

العادة السرية أو العادة السيئة مشكلة منتشرة بين الشباب، خاصة إذا تعرض الشباب لمثيرات عديدة، من قبيل النظر إلى مفاتن المرأة، وأحيانا يقع بعض الشباب في حمأة المواقع الإباحية، وهذا الأمر لا يؤدي فقط إلى إدمان العادة السرية، بل يؤدي إلى إدمان المواقع الإباحية، وخلخلة نظام المكافأة في الدماغ، والذي هو النظام الذي يدفع المرء للاستمتاع بالطعام والجنس، ولذلك تعمل المواد المخدرة على هذا النظام، وقد ثبت في بعض البحوث بأن الإدمان على المواقع الإباحية يفوق في قوة عمله عمل المخدرات بخمسين ضعفا.

لذلك كانت الشريعة الإسلامية واضحة تمام الوضوح حيال رعاية النظر والسمع وعدم إطلاقه دون قيد أو ضابط، يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولࣰا﴾ [الإسراء ٣٦].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كُتب على ابن آدم نَصِيبُه من الزِنا مُدْرِكُ ذلك لا مَحَالة: العينان زِناهما النَظر، والأُذنان زِناهما الاستماع، واللسان زِناه الكلام، واليَدُ زِناها البَطْش، والرِّجل زِناها الخُطَا، والقلب يَهْوَى ويتمنى، ويُصَدِّق ذلك الفَرْج أو يُكذِّبُه" متفق عليه. ولكن مع كل هذا فإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه، ولا ينبغي للمسلم أن ييأس من فضل الله ورحمته، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِي عَن ربِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى: (قَالَ: أَذنَب عبْدٌ ذَنْبًا فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِم أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ ربِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِرُ الذَّنبَ، وَيَأخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَي رَبِّ اغفِرْ لِي ذَنبي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ) متفقٌ عَلَيهِ.

فهذا الحديث وأمثاله يبين أن باب التوبة مفتوح على الدوام، ولا ينبغي أن تيأس من المحاولة لإصلاح نفسك، وربما تستفيد من النصائح الآتية:

١- ابتعد عن المثيرات؛ فالمقاطع والأفلام التي تشتمل على هذه النوعية من الصور هي مثيرات فعالة تجعلك تستمر في العادة السرية، تماما كما ينصح الطبيب مريض السكري بأن يبتعد عن السكر كونه مثير ومؤثر على صحة المريض.

٢- نظم وقتك واحرص على أن تكون مهامك تبدأ أو تنتهي مع أوقات الصلوات حتى تنجزها بشكل أفضل، وتحافظ على الصلاة المكتوبة جماعة حتى تستقر نفسك وتهدأ في الجو الروحاني في المسجد.

٣- احرص على ألا تذهب إلى فراشك إلا وقت النوم الفعلي، ولا تتصفح الجوال على السرير، بل تجعله بعيدا عن مكان نومك حتى لا يجرك إلى تصفح المثيرات التي تجعلك تقع في العادة السرية بسهولة.

٤- احرص على الزواج إن كنت قادرا على ذلك، فهو البديل الطبيعي للعادة السرية، حيث إن الشاب يتفجر نشاطا وحيوية ويحتاج إلى تصريف شهوته التي تؤذيه.

٥- احرص على تكوين صداقات نافعة، وابتعد عن الأصدقاء السيئين الذين قد يتسببون لك ببعض المتاعب أو جرك إلى إدمانات مختلفة كالمخدرات والإباحية ونحوها.

6- نشكرك على استمرارك في الرياضة، فهي من العوامل التي تعينك على التخفيف من مشكلة العادة السرية.

7- لا داعي للقلق من الأرق.. فقد يكون بسبب التفكير في مثل هذه الأمور، أو بأمور أخرى تتعلق بحياتك، وإذا استمرت المشكلة يمكنك اللجوء إلى الطبيب للمساعدة.

وللفائدة راجع أضرار العادة السرية: (24312 - 260343 - 2102179)، وكيفية التخلص منها: ( 297229 - 1371 - 2461313 ).

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً