الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد ترك المعاصي لله وليس لأجل أحد

السؤال

السلام عليكم.

بدأت استقامتي في عمر 14 سنة، وكان موعد قدوم عمي والذي أحب ابنته كثيرا، وفي هذه الفترة جاهدت نفسي ألا أنظر إليها، و-الحمد لله- التزمت بالصلاة وقيام الليل، وفي أحد الأيام ضاقت بي الدنيا بسببهم فذهبت أصلي في المسجد، ومنذ ذلك اليوم أصلي في المسجد.

رجع عمي إلى بلد إقامته، وواصلت التزامي عدة أسابيع وشهور، حتى أصابني مرض بسبب ذنب ارتكبته جعلني راقدا في السرير أتحرك بصعوبة، وصارت الصلوات تفوتني واحدة تلو الأخرى، ولا أصلي، وبعد أن تعافيت و-الحمد لله- عدت إلى سابق عهدي، تركت الالتزام تدريجيا، صرت أسهر الليالي وأسمع الموسيقى، وأفعل الذنوب في الخلوات، وتمر الأيام، وفي رمضان وأنا على هذا الحال لم أغتنم منه أي شيء، حاولت أن أجعله نقطة التغيير لي، ولكني لم أستطع، وتأتي العشر الأواخر وأنا على الذنوب والمعاصي، سمعت خطباً لكثير من المشايخ، ولكنها لم تؤثر بي، صرت أخرج مع أصدقاء السوء.

والآن أنا وأهلي مسافرون إلى بلد إقامة عمي، ولا أريد أن يحصل لي مثل ذي قبل، لا أريد أن ألتزم فقط لأني بقربهم، أريد أن ألتزم طاعةً لله وخوفاً من عقابه، أعتذر على الإطالة، لكن حياتي انهارت، أرجوكم أريد الإرشاد.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا.

ونشكر لك أيضاً حرصك على الاستمرار على التوبة والابتعاد عما حرم الله سبحانه وتعالى عليك، وهذا مفتاح خير -إن شاء الله- نأمل أن تحقق هذه العزيمة وأن تحولها إلى واقع، والأمر يحتاج منك -أيها الحبيب- إلى الأخذ بالأسباب، فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلفك إلا ما تقدر عليه:

السبب الأول: أن تتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بذلاً وافتقارا، وتستعين به سبحانه وتعالى على طاعته، فإنك تقرأ في كل ركعة في صلاتك قول الله سبحانه وتعالى إياك نعبد وإياك نستعين، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- علم معاذاً الدعاء العظيم، قال:" إن أحبك فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".

السبب الثاني: أن تختار لنفسك رفقة صالحة، وأصدقاء طيبين، تمضي معهم أوقاتك وتشاركهم في برامجهم وفي أعمالهم، فإن الصاحب ساحب كما يقول الناس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".

السبب الثالث: أن تكثر من سماع المواعظ التي تذكرك بالجنة والنار، ولقاء الله، والحشر، والقبر، فإن تذكر هذه المواقف والخوف من الوصول إليها دون زاد يبعث في الإنسان الرغبة في العمل الصالح، والتوبة، والإنابة إلى الله تعالى، وتذكر مع هذا كله -أيها الحبيب- سرعة مجيء الموت وأنه لا يفرق بين شاب وشيخ، وأن مجيئه قد يكون فجأة فلا يتمكن الإنسان من الإصلاح والتوبة، ويتمنى حينها أن يرجع إلى الدنيا ولو للحظات حتى يصلح عمله فلا يتمكن، كما قال الله في كتابه:" حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون"، فتذكر الموت والفوات يبعث في الإنسان المسارعة إلى الإصلاح والتغيير.

جاهد نفسك إلى القيام بهذه الأسباب، واعلم أن هذه المجاهدة عمل صالح يحبه الله تعالى منك ويثيبك عليه، وأنه لا يضيع عند الله تعالى عمل عامل، فإذا استشعرت هذه المعاني فإن هذا الاستشعار والتذكر من شأنه أن يثبتك على هذا الطريق.

نسأل الله سبحانه وتعالى لك الخير كله، وأن يصرف عنك السوء وأهله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً