الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي أني لا أصلي بالرغم من إدراكي لعواقب ذلك، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة، مشكلتي أني لا أصلي بالرغم من إدراكي أن تركها يعني الكفر، وأنني غير مسلمة في تلك الحالة.

طوال فترات حياتي كنت أصلي بشكل متقطع، وكنت أدعو أن يهديني الله وأستغفر وأذكر الله كثيراً، وأحاول أن أحفظ القرآن، وأتعرف على أحكام الإسلام أكثر، وأنصح من لا يصلي حتى يبدأ الصلاة، ولكن على الرغم من ذلك لا أصلي.

في الشهرين الماضيين كنت أصلي وأشعر بالفرحة وأنا أصليها، وكنت أنتظر الصلاة بفارغ الصبر، وأصلي النوافل وقيام الليل، كنت أؤدي واجباتي نحو الصلاة على أكمل وجه، ولكن فجأة توقفت لا أستطيع المثول أمام الله!

أشعر أن كل شيء بداخلي يرفض الصلاة، وتغيرت طبيعتي، أصبحت لا أخرج من المنزل، وأنام كثيراً، ولا أفهم لماذا هذا التغير، وأصبحت أقوم بأشياء أخجل منها ومن قولها.

والله أني كنت ملتزمة غاية الالتزام، وأصبحت أحتقر نفسي، ولا أستطيع التحكم بها، كيف أعود للصلاة؟ أود أن أصلي مرة أخرى، لا أعرف كيف؟ وبدأت بالتفكير بقتل نفسي حتى لا أرتكب المزيد من المعاصي!

والله إني يئست من نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يصلحك وأن يردك إلى الحق رداً جميلاً إنه جواد كريم.

الأخت الفاضلة: ما ذكرته من تهاون بالصلاة إلى هذه الدرجة بعد المحافظة عليها لا بد له من سبب، هذا السبب في الغالب أنت تعرفينه، فانظري بارك الله فيك هل من سبب حائل؟ هل من معصية أغلقت عنك هذه النسمة الرخية وهذا اللقاء الماتع بين العبد ومولاه؟ هل هناك طارئ حدث؟ هل نعيم زائل جعل أمر الصلاة اعتيادياً لا روح فيه؟ هل تأثر عقلك ببعض الافكار الهدامة؟ هل انشغل فؤادك بمحبة زائفة.

فتشي -أختنا- فالخطب جلل، وأنت على دراية والحمد لله بخطورة هذا الأمر، فإن وجدت السبب ففوراً ابدئي العلاج بإزالته.

أختنا الكريمة: هناك سببان يمكن أن نضعهما في القائمة وهما:
1- الوهم.
2- العين.

أما الوهم: فأحيانا يأتي الشيطان للإنسان في حالة ضعف تدين أو كسل ليوهمه أنه قد وقع في ما لا يمكنه الخروج منه، وأن شيئاً خفياً أصبح يتحكم به، وأنه لم يعد قادراً على التحكم في نفسه، ويحاول أن يسرب إليه شعوراً بأنه فاقد السيطرة على ذاته، وهذا يقلقه لكنه مريح لنفسه؛ لأنه تبرير له، وخطورته أن صاحبه يفشل في العودة إذا أراد؛ لأنه أصبح أسير فكرته الوهمية.

2- العين حق ولكن تضخيمها كذلك يقودنا إلى النتيجة السابقة من الوهم.

والحل -أختنا- يكمن في أمور منها:

1- التوبة العاجلة مع الاعتقاد أن القدرة على العودة كاملة.
2- البداية دون توقف مع الإيمان بأن القلوب بيد الله، وأن من احتمى بالله لا يضل ولا يخيب.
3- المحافظة على الرقية الشرعية، وكذلك أذكار الصباح والمساء، والمداومة عليها تعبداً وصيانةً.
4- الاجتهاد في زيارة بيت الله للعمرة إن أمكن ذلك.
5- الصحبة الصالحة معين؛ فاجتهدي في استحداث صحبة تعينك على الطاعة.
6- من أسباب الثبات على الحق: طلب العلم الشرعي، فاجتهدي على قدر طاقتك.
7- الخلوة والذكر: لهما تأثير عجيب على القلب، فاحرصي عليهما.
8- الابتعاد عن المعصية عامل ارتقاء هام، فاجتهدي في الابتعاد، وإذا زلت القدم فبادري بالتوبة.

افعلي هذا تحت شعار (لا لست عاجزة، أنا بالله أقوى)، اجعلي هذا شعارك وابدئي من الآن واصبري؛ فالأمر يحتاج إلى جهد وصبر والعاقبة فيها خير.

نسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك وأن يعيدك للحق سالمة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً