الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طرق فعالة لمعالجة الوسواس القهري متعدد الصور

السؤال

السلام عليكم.

عانيت منذ الطفولة من الوسواس القهري، كان فقط في الصلاة والضوء كالتكرار، ثم بعد ذلك تطور لوسواس أفكار في التلفظ بما لا أريد -فقط بالأفكار-، وأصبحت لا أتلفظ بالنية حتى أسلم من أفكاري، وأيضاً بالصيام أكون موسوسة من بقايا الطعام ودخول الماء، حتى أني لا أستحم بنهار رمضان حتى لا يدخل الماء إلى فمي، بعد ذلك تطور لوسواس الغسل، وأصبحت أستغرق وقتاً طويلاً في الاغتسال؛ لأتأكد من وصول الماء لجميع جسدي، وأيضاً الوضوء بدون تكرار، آخذ في الوضوء الواحد ربع ساعة لأتأكد من وصول الماء لجميع أعضاء الوضوء، وتطور الأمر حتى إلى صلاتي، أصبحت لا أستطيع التلفظ بالفاتحة أو التشهد أو الصلاة الإبراهيمية، وعند النطق بهم أنطقهم بصعوبة ومع التكرار أيضاً.

أعلم أن حالتي ليست بالخفيفة، وعلمت عن دواء اسمه بروزاك، وأنه آمن، أريد تناوله، فما الجرعات المناسبة؟ وما هي الأعراض التي لو ظهرت يجب أن أوقفه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

بالفعل الذي لديك وساوس قهرية، الوساوس الدينية كثيرة ومنتشرة، ولديك وساوس الأفكار وكذلك الأفعال والطقوس، وهي كلها مترابطة مع بعضها البعض.

قبل أن نتكلم عن العلاج الدوائي لا بد أن يكون لديك العزم والقصد والنيّة القاطعة لعلاج هذه الوساوس، وأن يكون قرارك ألَّا تتعايشي مع هذه الوساوس أبدًا.

ولا تتحرّجي من أنك قد أصبت بالوساوس؛ لأن الوساوس أصابت أفضل القرون، هنالك أناس من أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- اشتكوا منها، أصابتهم هذه الوساوس، ونصحهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يقول الواحد منهم: (آمنت بالله) ثم ينتهي، ينتهي بمعنى ألَّا يتبع الوسواس، لا يُناقش الوسواس، لا يحاور الوسواس أبدًا، إنما يغلق الطريق أمامه، والإنسان يُكرر الاستغفار، وكذلك (آمنت بالله).

البرامج السلوكية من وجهة نظري مهمّة جدًّا، أولاً: بناء قناعات أن الوسواس يجب أن يعالج، ثم بعد ذلك ينتقل الإنسان للتطبيق.

والتطبيق على مستوى الأفكار: تُحدّدي هذه الأفكار وتبدئي بأقلّها، وتُطبقي عليها ثلاث نماذج من العلاج:
النموذج الأول: نسميه بـ (إيقاف الأفكار) تُخاطبي الفكرة مباشرة قائلة: (قفي، قفي، قفي، أنتِ فكرة حقيرة، أنت فكرة سخيفة، أنا لن أتبعك) وتُكرري هذا لمدة دقيقتين.

ثم تُطبقي التمرين الثاني على نفس الفكرة: وهو تمرين (صرف الانتباه)، وذلك من خلال أن تأتي بفكرة جميلة، فكرة عظيمة، أي شيء طيب في حياتك تذكّريه وتمعّني فيه أيضًا لمدة دقيقتين، وهذا إن شاء الله يزيح الفكر الوسواسي.

التمرين الثالث: نسميه بالتنفير، ومن خلال التنفير يربط الإنسان ما بين منفّر والوسواس، ويُعرف أن الأشياء المتضادة والمتنافرة لا تلتقي في حيّز فكري إنساني وجداني واحد، ومن أفضل التمارين هي: أن تضربي بيدك بقوة وبشدة على جسمٍ صلب كسطح الطاولة، ومن الضروري جدًّا أن تحسي بألم، وتربطي هذا الألم مع الفكرة الوسواسية أو حتى الفعل الوسواسي. تُكرري هذا التمرين أيضًا عشرين مرة، وبعد أن تنتهي من الفكرة الأولى تنتقلي للفكرة الثانية، وهكذا، ثم بعد ذلك تُطبقي على الأفعال الوسواسية أيضًا وبنفس المستوى، مع بعض التعديلات التي سوف نقولها لك.

طبعًا لا بد أن تُطبقي هذه التمارين في جلسة علاجية، في مكانٍ هادئ، داخل الغرفة، والجلسة العلاجية يجب أن تستغرق ثلث ساعة إلى نصف ساعة، بمعدل مرتين في اليوم. هذا يُؤدي إلى الشفاء التام إن شاء الله تعالى في خلال أسبوعين.

بالنسبة للأفعال: الوضوء مثلاً يجب أن تُحددي كمية الماء، ويجب أن تدركي أن الإسراف مذموم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بكمية قليلة من الماء، يُقال أنها لا تتعدى اللتر إلّا ربع. فأرجو أن تقيسي كمية الماء هذه، ولا تتوضئي من ماء الصنبور أبدًا، ضعي ماءً يمكن أن نقول حتى لتر من الماء، وضعي بعد ذلك التليفون أمامك، لتصوري عن طريق الفيديو وضوئك، تبدئي بالنية، غسل اليدين، ثم الاستنشاق والاستنثار، وهذا كله يجب ألَّا يستغرق زمنًا، ثم غسل الوجه ... وهكذا حتى تنتهي، ويكون لك العزيمة الخالصة أن ينتهي هذا الوضوء في ظرف ثلاث إلى خمس دقائق.

بعد ذلك افتحي الفيديو، سوف تجدين أن وضوئك كان سليمًا جدًّا. هذا مجرب ومعروف.

بالنسبة للعلاج الدوائي: هو علاج ممتاز، وعلاج فاعل جدًّا، البروزاك علاج فعلاً ممتاز، ابدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها كبسولتين يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ثلاث كبسولات يوميًا لمدة شهرين، ثم كبسولتين يوميًا لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناوله، دواء رائع، دواء سليم، وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً