الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش حياة أخرى في مخيلتي وأشعر أن الناس يقرؤون أفكاري

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أدري ماذا يحدث لي؛ أصبحت لا أهتم بحياتي، ولا نفسي، ولا أهلي، وكأن لدي انطفاء شغف، لقد كنت في السابق فتاة متفوقة في حياتي ودراستي، كنت آخذ المراكز الأولى في كل شيء، وكنت أعيش بشكلٍ طبيعي حتى وصلت إلى سن 17 عاماً، عندها بدأ كل شيء بالتغير، أصبحت لدي أشياءٌ غريبة، فمثلاً أشعر بأنه يتم مراقبتي طوال الوقت لذلك أصبحت أنعزل عن الناس.

وحينما أجلس مع أهلي أشعر بأنهم يقرؤون أفكاري وما في رأسي لذلك أصبح من الصعب علي النظر في أعينهم دائماً، أتجنب ذلك حتى أصبح الحديث صعباً عندما أتحدث، ودائماً ذهني شارد، ومترددةٌ في كل شيء، وأسرح كثيراً، وأتخيل بأن لدي حياة أخرى وأعيشها كما أريد، لذلك أنفصل عن الواقع لساعات وأنا أتخيل حتى أصبحت لا أستطيع التركيز أبداً مهما حاولت، أنسى كثيراً، وأصبحت كسولة جداً، لذلك فشلت في دراستي، لقد مرت 3 سنوات وأنا ما زلت في نفس المرحلة الدراسية؛ لأنني دائماً ما أفشل في الامتحانات لأنني لا أستطيع التركيز، وذهني دائماً مشتت.

أصبحت لا أهتم أبداً، وأصبحت أشعر بالنفور من عائلتي، ولا أهتم بما يدور في حياتي؛ لأن لدي حياة أخرى في مخيلتي، وحاولت الانتحار عدة مرات، ويتم إنقاذي في كل مرة.

الجزء الأهم هو أن هناك أمراً يخيفني لا أستطيع تفسيره هو: أنني أصبحت أسمع أصواتاً غير موجودة أساساً، وأشم أشياءً لا يشمها أحد غيري، فهذا الأمر يضايقني، أظن أنها هلوسات؛ لأن الأصوات حينما أنتبه أظن أنها تأتي من داخل رأسي.

أرجو مساعدتي؛ لأنني أخاف أن أكون موسوسة من الجن، أو مسحورة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ayan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك عبر إسلام ويب، ونشكرك على سؤالك الواضح وبما فيه من تفاصيل كثيرة كلها مفيدة في أن نصل معًا إلى علاج فعّال.

إنَّ معظم الأعراض التي وردت في سؤالك نسميها في الطب النفسي (أعراضٌ ذُهانية)، فمثلاً: منها أنك تشعرين أن الناس يقرؤون أفكارك، وأنهم يُراقبونك، وتشتكين من شرود الذّهن، والتردُّد، والسرحان إلى حدِّ الانفصال عن الواقع، مع ضعف التركيز، وسماع الأصوات، وشم الروائح غير الموجودة، بالإضافة إلى محاولات إيذاء نفسك بالانتحار لا قدّر الله.

كل هذه الأمور أثّرت على حياتك بشكل عام، ومنها تراجع دراستك، حيث عدتّ السنّة الدراسية ثلاث مرات، وانعكس هذا على ضعف الأداء، بالرغم من أنك كنت متفوقة.

أختي: معك كل الحق في الانزعاج من هذا، فهو مُزعج ومخيفٌ في نفس الوقت، إلَّا أن العلم والطب النفسي قد أفادنا كثيرًا في فهم مثل هذه الحالات، فأنت تعانين بلا شك حالة ذُهانية، وهي أحد أشكال الأمراض النفسية، ولكن (ما أنزل الله من داء إلَّا وأنزل له دواء)، و(لكل داء دواء، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله)، وهذا ينطبق على الأمراض النفسية، كما ينطبق على الأمراض الجسدية البدنية، وكما يُصاب الجسم بالأمراض البدنية يُصاب الإنسان أيضًا بالأمراض النفسية، والتي لا بد فيها من العلاج، وقد أصبح العلاج فعّالاً لحدٍّ كبير، وهو علاجٌ دوائي.

من الصعب من معرفة الأعراض أن أسمّي المرض بشكل مُحدِّدٍ، إلَّا أننا يمكن أن نقول إنها أعراض (مرض ذهاني)، وتحت هذا العنوان هناك عدد من الأمراض أو الاضطرابات النفسية.

أختي: أدعوك دون تردُّدٍ أو تأخيرٍ في أخذ موعدٍ مع عيادة الطب النفسي، حيث تعيشين أو تسكنين، ليقوم الطبيب النفسي بفحص الحالة النفسية ووضع التشخيص الدقيق المناسب، ومن ثم يصف لك العلاج، ولابد في البداية من أن يكون علاجًا دوائيًا، يُساعدك على التخلص من معظم هذه الأعراض التي وردتْ في سؤالك، وقد يستعين أيضًا ببعض الجلسات النفسية، ممَّا يقوّي عندك المناعة النفسية، ويُعينك على متابعة حياتك بالشكل الأنسب.

أدعو الله تعالى لك بالصحة والشفاء والعافية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً