الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والتلعثم عند لقاء من أحبهم، ما علاجه؟

السؤال

لدي مشكلة واضطراب نفسي، فأنا إذا أحببت شخصاً حباً خاصاً يصيبني خوف وتوتر وتلعثم عندما أقابله، ولا أُجيد التعبير عند الحديث معه، ولا أُجيد الابتسامة والضحك معه.

أنا أريد في داخلي أن أتكلم وأن أضحك، لكن شيئاً ما في داخلي لا أدري على وجه التحديد ما هو! يجعلني أعجز عن الكلام والضحك، مما قد يجعل الشخص يظن أن فيّ جفاءً أو نفوراً منه.

أنا أريد أن أكون منبسطاً ومنشرح النفس عند لقائه، لكن أرى أن شيئاً ما مترافق مع حُبِّي له يجعلني مثل ضيّق النفس معه، مع المعلومية أني أسعى في مدافعة هذا الانعقاد والخوف عند مقابلته، لكني أفشل كثيراً، وقد يحصل نادراً أن أُجيد الكلام والضحك معه، ولكن مع مغالبة وصعوبة في داخلي.

ما التشخيص لهذا الانعقاد والخوف النفسي لدي، وسبيل الخلاص مما ذكرت؟ فإنه تصيبني هموم من حالتي النفسية هذه (هذه الحالة النفسية ليست مع الجميع، وإنما مع من يكون له في قلبي محبة خاصة).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر إسلام ويب، ونشكرك على هذا السؤال، لا شك أن سؤالك وما وصفت فيه حالة غير عادية، إلا أنها ليست بعيدة عما نسميه الرهاب الاجتماعي، والذي هو شعور بالتوتر عند مقابلة الناس، والحديث معهم، وإن كان في العادة أن يكون هذا التوتر والاضطراب عند مقابلة كل الناس، بغض النظر عن قربهم أو بعدهم عنا، وخاصة عندما يريد المصاب أن يتحدث أمام جمع من الناس، فإنه يشعر بتوتر وخوف، وربما تلعثم في الكلام وتسارع نبضات القلب، وربما التعرق،...إلى غير ذلك من هذه الأعراض التي تشير إلى شيءٍ من القلق والتوتر.

من المعروف أيضاً -أخي الفاضل- أن الرهاب الاجتماعي يكون أشد ما يكون مع الأشخاص الذين هم في مكانة اجتماعية مميزة، كالبروفيسور في الجامعة أو الأستاذ، أو صاحب المنصب السياسي، أو الاجتماعي... إلى آخره.

في بعض الأحيان كحالتك، ربما يكون التوتر والقلق عند الحديث مع من تتعلق بهم، وتشعر بمحبتهم ومعزتهم عندك، وهذا ربما يفسر بعض ما ورد في سؤالك.

نعم -أخي الفاضل- فهمت من سؤالك أنك تحاول أحياناً الضغط على نفسك، بحيث إنك تحاول أن تضبط توترك وأعصابك؛ إلا أن هذا لا يجدي كثيراً في بعض الحالات.

على كلٍ فالذي أنصح به هو في النقاط التالية:

أولاً: أن تضع في ذهنك أن ما تعاني منه هو شيء من الرهاب الاجتماعي، والذي هو من أكثر أنواع الرهاب انتشاراً بين الناس، وإن كانوا لا يتحدثون عنه أحياناً، خشية استهزاء الناس أو عدم تصديقهم.

ثانياً: أن تحاول ألا تتجنب المواقف تلك التي تشعر فيها بالتوتر والخوف، فالتجنب كما نقول عادة: لا يحل المشكلة، وإنما يزيدها تعقيداً وانتشاراً، فإذاً عند ما يكون هناك شخص عزيز عليك فلا تتجنب اللقاء به والحديث معه، ظاناً أن هذا سيخفف من توترك، نعم توترك سيخف قليلاً مؤقتاً إلا أن هذا التجنب كما قلت لا يحل المشكلة.

عكس التجنب هو الإقدام والمواجهة، فأقبل على هؤلاء الذين تحبهم وتعزهم، وحاول أن تتحدث معهم، بالرغم من الصعوبات التي تشعر بها، ومن خلال الزمن والوقت ستجد أنك قد تجاوزت هذا، وخاصة أنك ما زلت في هذا العمر من الشباب، لذلك ما هو إلا وقت وتستطيع تجاوز هذا الأمر.

النقطة الثالثة والأخيرة: لا تحاول أن تبذل جهداً كبيراً في ألا تشعر بالتوتر والقلق، فأحياناً كلما بذلت جهداً كبيراً كلما بعدت عما تحاول تحصيله من الهدوء.

أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والنجاح، وأن تصل إلى مرحلة من الهدوء والثقة بالنفس والاطمئنان، وبحيث تتحدث مع من تشاء بكل هدوء وأريحية واسترخاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً