الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفكيري بالزواج أثر في إقبالي على العبادة، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخترت النقاب وأن أغير من نفسي، وكل فترة أبتعد عن الله وأقترب منه مرة أخرى، هذه المرة لا يمكنني الرجوع لأنني أشعر بالثقل، أشعر بأن المشاكل ازدادت وأن الله ليس معي، رغم يقيني بأنه المُعين، وهو من أعطاني القوة والقدرة للإكمال ومنحني العيش حتى اليوم، ولكنني متعبة من الوحدة، والله تركني وحيدة دون أهل جيدين أو زوج، علمًا أن جميع من حولي تزوجن.

في السابق حينما كنت أشعر باليأس من أمر الزواج أتقرب إلى الله، ولكني حاليًا لا أعرف كيف أعود للتقرب إليه، أتمنى من الله أن يرزقني فرحة تريح قلبي، ولكنني أعلم بأن اقتران تقربي لله مقابل رزقي بالزواج لن يحصل، لأنني أطعت الله بمقابل، وهذا الأمر خاطئ، وفي الوقت الذي أتقرب فيه إلى الله لا يحصل شيء، أفيدوني كيف أعود إلى الله بخشوع؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قال رسول الله ﷺ: "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم" فتلك الحقيقة يُخبرنا بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن الإيمان يحتاج إلى تجديد، لأنه لو لم يتجدد يبلى ويتلف داخل قلوبنا، فالإيمان حسب عقيدة أهل السنة والجماعة يزيد وينقص. فإن القلب يحتاج إلى تذكير دائم، ووعظ مستمر؛ حتى لا يفتر.

ليس من اللازم أن ينتج عن العبادة عطاء من الله، فالإنسان المسلم يعبد الله رجاء رضا الله عنه، وتحقيقًا لمعنى العبودية التي أقامه فيها ربه، قد يقترن التوفيق في الحياة مع العبادة، لكن العطاء والمنع لا يقترنان بها، فالله يعطي الكفار وهم على ما فيه من كفر وبعد عنه، ويبتلي المؤمنين وهم أقرب الناس إليه. كذلك قولك: (والله تركني وحيدة دون أهل جيدين أو زوج) فيه سوء أدب مع الله، فاستغفري الله من ذلك القول، وما يدريك من تزوج أهو هانئ أم مكدر؟ وإن الإنسان لا يدري أين الخير، ولا يدري متى يأتيه الخير، وإن اختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه.

ولكي يطمئن قلبك في مسألة الرزق والعطاء تذكري حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك؛ ثم يكون مضغة مثل ذلك؛ ثم يرسل إليه الملك ؛ فينفخ فيه الروح ؛ ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد) فالمال والزواج والأولاد رزق مكتوب للإنسان. فيجب على الإنسان المسلم التسليم لقضاء الله وقدره، والرضا بمكتوبه.

وإليك بعض النصائح لتقوية إيمانك، وتزويد القلب بالإيمان:

من الوسائل المهمة لتجديد الإيمان، الانتقال من إيمان التقليد إلى إيمان الاجتهاد، وإيمان التقليد الذي ورثناه من والدينا بالتلقين والتقليد، وإيمان الاجتهاد الذي يصل إليه الفرد بالنظر والاستدلال والتأمل في خلق الله وقدرة الله في الكون، وهذا الانتقال مهم جداً؛ لأنه يزيد من خشية الله في قلبك ويعظم حرماته وشرعه.

عليك أيضاً بأنشطة إيمانية تواظبي عليها كي لا ينقص وقود الإيمان في القلب، مثل المواظبة على سماع درس إيماني، وقراءة كتب الرقائق والإيمانيات، وحضور حلقات الدروس في المسجد، والانضمام إلى مراكز تحفيظ القرآن إن كانت متاحة.

كما أوصيك بالتزام الصحبة الصالحة، فالله تعالى في القرآن قال: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)، فملازمتهم تقوية للإيمان والقرب منهم يشحذ همة القلب في التنافس معهم.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً