الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقبلة على وظيفة وطفلي متعلق بي جداً، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الكرام: والله إني سعيدة بكم في موقعكم الكريم، وجزاكم الله كل خير على مساعدتكم لنا، وبعد:

استشارتي حول ابني الذي يبلغ من العمر سنتين وثمانية أشهر، طفلي متعلقٌ بي لدرجة كبيرة، ولم أدخله الروضة هذه السنة، وسوف يلتحق بالروضة السنة القادمة -إن شاء الله- كما قال زوجي.

المشكلة هي أنني وجدت عملاً بسيطاً، والعمل يكون في الساعات الإضافية، لتدريس اللغة الفرنسية للأطفال بأحد المراكز، وصاحب المركز وافق على إحضار طفلي معي، لأنني لا أملك مكانًا يمكنني تركه فيه، وهذا المركز عبارة عن روضة أطفال في الفترة الصباحية، وفي المساء تعمل الروضة بساعات إضافية لتدريس اللغات للتلاميذ، وأتركه الآن يلعب بالألعاب في مكان عملي حتى أنتهي من تدريسي.

ابني يبحث عني بشكل دائم حتى ونحن في البيت، وهذا الأمر يسبب لي الإحراج، لا أدري كيف يمكنني تركه وتخفيف تعلقه بي، فقد مللت من تصرفاته وتعلقه الدائم، خصوصاً أني مقبلة على هذا العمل، وأنا محتاجة للمال، أرجوكم أعطوني خطوات حتى لا يبقى هكذا.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يحفظك ويحفظ ابنك.

أولاً نقول لك: بما أن عمر الطفل ما زال صغيرًا، أي أقل من ثلاث سنوات، فتعلُّقه يُعتبر طبيعيًا، وهناك بعض الأطفال يستمر تعلُّقهم حتى عمر المدرسة، فالطفل في هذا العمر محتاج ولا شك للعطف والحنان والشعور بالأمان، وإذا تمَّ إشباع هذه العواطف بالطريقة السليمة فهذا من شأنه أن يجعل نمو الطفل نموًا سويًا، ولا يشعر بالحرمان عندما يكبر، بعكس الأطفال الذين يعيشون منبوذين أو محرومين، فإن صحتهم النفسية ربما تتأثّر، وربما يُصابون باضطراب في الشخصية في المستقبل.

ثانيًا: لابد من التوازن بين احتياجات الطفل النفسية واحتياجات الأسرة الأخرى، فأنت محتاجة للعمل لسدّ النقص، أو لتوفير بعض الضروريات الحياتية، وفي نفس الوقت تحاولين إشباع حاجات الطفل النفسية، و-الحمد لله- أن طبيعة عملك الذي اخترته مناسبة، وربما يمكنك من إحداث هذا التوازن، ولكن يحتاج منك توفير أو إيجاد البديل المناسب، حتى لا يتأثر الطفل، فهو ثمرة لابد من رعايتها والاهتمام بها حتى تأتي أُكلها، وكثير من الأمهات اخترن التضحية من أجل تربية أولادهن، فكانت النتائج باهرة.

ولنا أسوة وقدوة في والدة الإمام أحمد بن حنبل، والتي خرّجت عالمًا من علماء الأمّة الإسلامية، بحسن تربيتها واهتمامها كان العالِم منذ الصّغر.

في الغرب -أختي الفاضلة- كانوا يتبعون في تربية أطفالهم تطبيق منهج الاستقلالية، وذلك بأن يُفصل الطفل عن أُمِّه عاطفيًا، وألَّا تُلبّى عاطفته ما دامتْ حاجاته المادّية مُشبعة، والآن أدركوا أهمية الجانب العاطفي، وأهمية التعلُّق، وأثره في حياة الفرد النفسية والاجتماعية.

ثالثًا: لعلاج المشكلة يمكنك أن تستخدمي أسلوب التباعد التدريجي، أي الغياب عن الطفل فترات قصيرة في البداية، وذلك بعد شغله بالألعاب التي يُحبّها، ثم العودة له وملامسته وحضنه، وأن يسمع منك الكلمات والألفاظ الجميلة التي تُشعره بالطمأنينة والأمان، وزيادة زمن الغياب يكون بالتدرُّج، ثم تكرار نفس السلوكيات، حتى يتأكد الطفل أن بعد الغياب تكون المكافأة، ويصبر على ذلك وينتظر هذه المكافأة، مع مراعاة عدم الإفراط والتفريط في ذلك.

وأيضًا أثناء عملك إذا وجدت طريقة لزيارته بين الحين والآخر يكون أفضل، لكي يعلم أنك موجودة ومهتمّة به، إلى أن يجد ما يُلهيه عنك بصورة كليّة، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق في عملك وفي تربية ابنك.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً