الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس تتعلق بالوجود والموجود ترهق تفكيري وتتعبني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مراهق أصلي وأصوم وأذكر الله وختمت القرآن، في أحد الأيام أتاني شعور أن الله والأنبياء غير موجودين -أستغفر الله- وتغلبت عليه، ومرة أخرى عاد الشعور نفسه وتغلبت عليه.

والآن عاد الشعور نفسه وأنا خائف من عذاب الله، خائف أن أخسر الآخرة، خائف جدًا، أتمنى إعطائي الحل المناسب، ساعدوني فأنا خائف من الكفر.

أنا مريض بالوسواس القهري، هل هذا الأمر بسبب المرض، أم من نفسي، أم من الشيطان؟ أنا خائف جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لقد أجابك الدكتور أحمد الفرجابي –حفظه الله– إجابة بليغة بتاريخ 1/9 من هذا العام، وذلك تحت رقم الاستشارة (2490264)، فأرجو أن تأخذ بكل نصائحه، وأنا أقول لك من الناحية النفسية: إن الذي تعاني منه بالفعل هو وسواس قهري، والوسواس القهري ذو الطابع الديني كثير، وفي مثل عمرك –أي في فترة اليفاعة وبعدها فترة البلوغ ثم المراهقة– تكثر هذه الوساوس، و-إن شاء الله تعالى- تكون عرضيّة، ولا تُسبب لك أي أذى.

من المهم جدًّا ألَّا تناقش هذه الأفكار، لا تخض فيها أبدًا، وحدث أن الصحابة -رضوان الله عليهم- منهم من اشتكى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من هذه الوساوس، ونصحهم الرسول بأن ينتهوا، وأن يقول الواحد منهم (آمنتُ بالله)، وينتهوا يعني: ألَّا يخوض الإنسان في تفاصيلها.

فأنا أقول لك: أغلق الباب أمامها، حقّرها، وكرّر الاستغفار وقل (آمنت بالله، آمنت بالله) عدة مرات، واصرف انتباهك لشيءٍ آخر، وهنالك تمارين نسميها بالتمارين السلوكية، تمارين جيدة جدًا، أريدك أن تُطبقها على هذه الوساوس، وبما أنها من مركّب واحد أو محتوى واحد فتطبّق عليها ثلاثة تمارين:

التمرين الأول: نسميه (إيقاف الأفكار).
والتمرين الثاني: نسميه (صرف الانتباه).
والتمرين الثالث: نسميه (التنفير).

بالنسبة لإيقاف الأفكار: أريدك وأنت جالس في مكانٍ هادئ مثل الغرفة مثلاً، تُخاطب الفكر مباشرة قائلاً: (قفي، قفي، قفي، أنتِ فكرة حقيرة، أنا لن أهتمّ بك أبدًا)، وتُكرر هذا لمدة دقيقتين.

ثم بعد ذلك مباشرة تنتقل للتمرين الثاني والذي نسميه بـ (صرف الانتباه): ومن خلال صرف الانتباه من المفترض أن تأتي فكرة أخرى، فكرة تكون جميلة، فكرة تكون لطيفة، فكرة حلوة، وهذه الفكرة سوف تصرف انتباهك عن الوسوسة مباشرة، مثلاً: تأمَّل في برّ الوالدين، وكيف أنه عملٌ عظيم، وكيف أن الإنسان يُؤجر عليه، وما هي خطتك لبرِّ والديك؟ اندمج مع هذه الفكرة لتزيح الفكرة الوسواسية.

أمَّا التمرين الثالث فهو ما نسميه بـ (التنفير): أي أن تربط الوسواس بشيء آخر مؤلم، حاول مثلاً أن تجلس أمام طاولة داخل الغرفة، وفجأة قم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بالألم، في لحظة وقوع الألم هذه يجب أن تستجلب الفكرة الوسواسية الدينية هذه، تربط بين الاثنين، إيقاع الألم يُنفّر من الوسواس. وقد وجد علماء النفس أن تكرار هذه التمارين مثلاً عشرين إلى ثلاثين مرة كل يوم سوف يضعف الفكرة الوسواسية.

إذًا هذه التمارين رائعة، تمارين ممتازة، ولو طبقتها على أصولها سوف تستفيد منها كثيرًا، ومن المهم جدًّا أن تشغل نفسك بما هو مفيد، أن تدير وقتك؛ لأن الفراغ –أيها الابن الكريم– يزيد من الوساوس، فأنا أريدك أن تكون مجتهدًا في دراستك، أنت كتبت الوظيفة: عاطل، لكن يجب أن تكون في مرحلة الدراسة، ويجب أن تكون بارًّا بوالديك، وأن تمارس الرياضة، أن تتجنّب السهر، أن تحرص على الصلاة في وقتها، هذا كله يُضعفُ من الوسوسة.

أيضًا توجد علاجات دوائية ممتازة، لكن بالنسبةً لعمرك يجب أن يُكتب الدواء عن طريق الطبيب. تحدث مع والديك أنك تحتاج لعلاج دوائي؛ لأن لديك وساوس، ومن أفضل الأدوية التي تناسب حالتك دواء يُسمَّى (فلوفوكسامين Fluvoxamine) ويُسمَّى تجاريًا (فافرين Faverin)، وربما يوجد في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، والعافية والشفاء من تلك الوساوس.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً