الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي لثغة في حرف الراء تحرجني كثيرًا، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما كنت صغيرة كان عندي لثغة في بعض الأحرف: الكاف، والشين، واللام، والراء، كنت أنطقها تاءً وسينًا وياءً.

ذهبت إلى أخصائي تخاطب وعالجت الكاف والشين، وأصبحت أنطق اللام أحيانًا، وبعدها توقفت عن الذهاب إليه.

الآن عمري 18 عامًا، ولا زلت على نفس المنوال، بدأت بتدريب نفسي على حرف الراء، وبالفعل بدأت في نطقه قليلًا، وفي السابق لم أكن أنطقه نهائيًا، ونطقه يكون بشكل بطيء، وتكون الراء متحركة، ولا أستطع نطق الراء الساكنة بتاتًا، فكيف يمكنني نطقها؟ والراء المضمومة تنطق مفخمة فكيف أرققها؟

لا أستطيع الذهاب عند أخصائي تخاطب الآن، وهذا الموضوع يحرجني، ويدفعني إلى اعتزال الناس، فهناك من يتنمر علي، والبعض يشفق علي، وبعض الخطاب يرفضون الارتباط بي بحجة أن أطفالي مستقبلًا سيكونون كذلك.

أنا أيضاً لا أريد أن يعاني أطفالي من اللثغة، فهل سيأخذونها مني؟

أفيدوني بارك الله فيكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وييسّر أمرك، ويحلل عقدة من لسانك يفقهوا قولك.

الحمد لله أن العقل سليم والفكر قويم والشخصية محبوبة، وهذه نعم عظيمة يفتقدها بعض الناس، ويصعب تعويضها.

ثانيًا: ما قمت به من مجهود بخصوص تحسين لفظ بعض الحروف يُعتبر إنجازًا كبيرًا، والاستمرار فيه ربما يُؤدي إلى حل المشكلة نهائيًا ما دامت النتائج مبشّرة والتحسُّن ملحوظًا.

فنشجعك على الرجوع إلى مركز التخاطب، والمواصلة في التدريب، حتى تجني ثماره -بإذن الله- في أقرب وقت ممكن.

ثالثًا: مسألة الشعور بالحرج واستهزاء الآخرين بك أو تنمُّرهم عليك؛ فهذا يعني أنك استسلمت لتقديرات الآخرين وإلى المعايير والمقاييس العرجاء، التي يقيسون بها الشخص، فنريدك –أيتها الفاضلة– أن تنظري إلى نفسك نظرة احترام وتقدير، وأن تُركّزي على ما لديك من إيجابيات، وما تتمتعين به من أخلاق وقيم وقدرات ومهارات، فلثغة الراء ليس معناها الغباء، وليس معناها الفناء، ولا الحظ السيء، ولا الفشل في الحياة، فهناك من العلماء والمفكّرين والساسة مَن كانت لديهم هذه المشكلة، ولكنّهم قادوا وعلّموا أُممًا، وصنعوا تاريخًا عظيمًا لم تعقهم لثغة الراء، ومنهم من أعطاه الله المهارة والقدرة أن تخلو خطبته بالكامل من حرف الراء تمامًا.

فالعبرة بالفكر وما يحتويه، والكلام ما هو إلَّا ترجمة للأفكار، ولكن في المقابل إذا كانت الأفكار ضحلة أو سيئة؛ فما فائدة أن تخرج الحروف كما اعتاد على سماعها الناس؟ فالفصاحة رزق، وقد يُعطيه الله سبحانه وتعالى لبعض الناس، وقد يُحرمه عن بعض الناس.

وأمَّا خوف العائلات أو عائلات الخُطّاب من أن الأبناء ستكون لديهم نفس المشكلة؛ فهذا أمر لا يمكن الجزم به، لأن عوامل ظهور المشكلة تختلف من شخصٍ لآخر، ولا يمكن أن نتنبأ ونقول أن هذا الأمر سيكون تبعًا لذلك، ولذلك ينبغي ألَّا نلتفت إلى تعليقات وكلام مثل هؤلاء؛ لأنهم لا يفقهون في هذا الأمر، وليس لديهم الدليل القاطع على ذلك، وثقي أنه سيأتي مَن يحترم شخصيتك ويحترم عقلك ويحترم أفكارك ويحترم دينك، فهذا هو المهم في موضوع الخطبة والزواج (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

ولذلك الأمر ليس هو من العيوب الكبيرة التي تمنع الخُطّاب من أن يأتوا ويتقدَّموا لمثلك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً