الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف على عائلتي ونفسي من الموت والفراق يلازمني، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وجدت موقعكم الجميل مكانًا رائعًا لطرح مخاوفي، وكلي أمل في إيجاد العلاج.

قصتي بدأت في مرحلة الطفولة حينما علمت عن الموت، وأننا يومًا ما سوف نفترق أنا وأسرتي، كنت أبكي كثيرًا خوفًا من موتهم، والآن بعد 12 سنة، ومنذ أن كان عمري 19 لم يمت أي منهم.

بدأت قصتي بعد ذلك الموقف، وربما نمت مخاوفي وأصبحت هاجسًا، أصبحت أخاف من الموت، وفي أحد الأيام شعرت بسكتة قلبية واكتشفت بعدها أنه القولون العصبي؛ وكان بسبب قلقي من الأمراض، فحصت جسمي بالكامل ولا يوجد أي مرض، وقياس الضغط والنبض طبيعي، لذلك ليس هناك مؤشرات حول أوهامي بالإصابة بالجلطات أو السكتات، لكن لا أعلم لماذا أشعر دائمًا بخوف غير طبيعي! لدرجة أني بدأت أرى في منامي الكوابيس بسبب مخاوفي، وصرت أصدقها وأبحث عن تفسيرها، فيكون التفسير موتي القريب.

بعدها تطورت المخاوف وازدادت وظهر الشيب في شعري، هل من الطبيعي أن تأتي هذه الأعراض للشخص الذي يخاف من الموت؟ وأقصد الخوف من الأمراض، ثم رؤية.. إلخ.

أعتذر عن طول السرد، وزني 120 كيلوجرام، لا أمارس الرياضة، بنعمة كبيرة، لا أعاني من الضغط بهذا الوزن الكبير، لكني أخاف دائماً، وأريد حلًا.

كل أسبوع أو يومين أذهب للفحوصات، وعند الوصول للمستشفى أشعر براحة كبيرة ويختفي المرض قبل دخولي للطبيب، ما هي حالتي؟ وكيف أتخلص من الوساوس؟

لقد أنعم الله علي بعائلة تقف بجانبي وتخفف قلقي، لكن دون جدوى، لا أريد تحطيمهم، أخذتني والدتي لمركز استشارات نفسية، فشخصني بالشخصية القلقة، وطلب مني كتابة أفكاري، ولم أذهب مرة أخرى؛ لأنه كان يبتسم ويضحك، لم يعجبني لأنها استهزأ بي، كرهت الاستشارات، ما هو الحل في رأيكم؟

وأعتذر عن الإزعاج، وشكرًا لأعضاء الموقع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وجزاك الله خيراً -يا أخي- على كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعاً.

اطلعت على رسالتك والتي تحتوي على تفاصيل شاملة، وكما تكرمت وتفضلت فأنت قد زرعت فيك نواة المخاوف من سن مبكرة، وهذا يحدث لكثير من الأطفال كما تعرف، وحالتك استمرت حسب مراحلك العمرية، والآن أقول لك: إنك قد وصلت لما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وهذه حالة شائعة جداً -أيها الفاضل الكريم-، وليست خطيرة.

لكنها يجب أن تعالج، تعالج من خلال تصحيح المفاهيم، بالنسبة للخوف من الموت هو علة شائعة، ونحن نقول للناس: يجب أن تخافوا من الموت خوفاً شرعياً ولا تخافوا منه خوفاً مرضياً أبداً، فالإنسان يجب أن يكون لديه قناعة صلبة أن الأعمار بيد الله، وأن الأمراض لا تقتل أحداً، فقط الإنسان يحرص على صحته، ويرتب حياته بصورة إيجابية، ويكون فعالاً ومفيداً لنفسه ولغيره، والإنسان يجب أن يدرك أن الخوف من الموت لا ينقص من عمر الإنسان ولا يزيد منه شيئاً أبداً، (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ)، (إنك ميت وإنهم ميتون)، هذه أوامر قاطعة.

وهذا لا يعني أبداً أن يعيش الإنسان تحت وسوسة الخوف، على العكس تماماً، السياق القرآني مطمئن جداً بل هو منبه للإنسان ليكون مستعداً للقاء ربه، وفي ذات الوقت يعيش حياة طيبة، حياة فاعلة، حياة مفيدة، حياة فيها السعادة فيها الأمل فيها الرجاء، فهذه هي نصيحتي لك -أيها الفاضل الكريم- من حيث العلاج السلوكي.

الأمر الثاني: أنت مطالب أن تعيش حياة صحية من خلال إنقاص وزنك، وهذه نقطة مركزية وأساسية؛ الأمراض تأتي من خلال زيادة الوزن هذا لا شك فيه، فأمامك فرصة كبيرة وعظيمة أن تعيش حياة صحية، وأن تضع البرامج اللازمة لتخفيف وزنك، وهي معروفة، حيث إن الرياضة تعتبر مهمة، كذلك نوعية الطعام والغذاء والترتيبات التي يجب أن يقوم بها الإنسان، والحياة الصحية الطيبة أيضاً تتطلب أن يقوم الإنسان بفحص دوري مرة كل ستة أشهر، اذهب إلى طبيب الأسرة في المركز الصحي مثلاً وسوف يقوم بهذا الإجراء، تتأكد من مستوى الدم لديك، تتأكد من وظائف الكبد، وظائف الكلى، وظائف القلب، وظائف الغدة الدرقية، مستوى فيتامين ب12، وفيتامين د، وهكذا، هذه الفحوصات بسيطة جداً وغير مكلفة، والإنسان الذي يجريها مرة كل ستة أشهر يطمئن تماماً، وهذه هي النقاط المركزية المهمة في علاجك.

الأمر الثالث: هو أن تشغل نفسك بما هو مفيد، أن تحسن استغلال وقتك، وأن تتجنب الفراغ الزمني والفراغ الذهني، وخير وسيلة لحسن إدارة الوقت هي أن يتجنب الإنسان السهر، النوم الليلي المبكر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الجسم، والعقل، والدماغ، مما يؤدي إلى استقرار نفسي كبير، والذي ينام مبكراً يستيقظ مبكراً يبدأ يومه بصلاة الفجر، وبعد ذلك يدخل في الأنشطة الحياتية المطلوبة، والبكور فيه خير كثير، إذاً هذه نصائحي لك -أيها الفاضل الكريم-.

وليس هنالك ما يمنع أن تستعمل أحد الأدوية المضادة للمخاوف، عقار بروزاك والذي يسمى فلوكستين سيكون مفيداً في حالتك، هو ليس الدواء الأفضل لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، هو دواء من الدرجة الثانية لكن يتميز بأنه لا يزيد الوزن، حيث إن أدوية الدرجة الأولى وهي الزوالفت والزيروكسات والسيبرالكس، هذه ممتازة لكنها تزيد الوزن، البروزاك أيضاً ممتاز جداً، والجرعة في حالتك هي: أن تبدأ بكبسولة واحدة 20 مليجراما يومياً لمدة شهر، ثم تجعلها كبسولتين 40 مليجراماً لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

جزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً