الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أقبل الزواج برجل متزوج، ويعيش في دولة أخرى؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة حاصلة على شهادة الدكتوراه من بريطانيا، جميلة، مستمرة في حفظ القرآن الكريم، وأبلغ من العمر 38 سنة، تقدم لي رجل أيضاً حاصل على شهادة الدكتوراه، وخطيب جامع، ووضعه الفكري والاجتماعي مناسب، لكنه متزوج ولديه أطفال، وعمره 46 سنة، بمعنى أني سأكون الزوجة الثانية.

أنا مترددة جداً، بل وخائفة من هذه الخطوة، إضافة إلى ذلك فهو يعيش في دولة، وأنا أعيش في دولة أخرى، أرشدوني، هل سأندم إن وافقت؟ للعلم بأنه متمسك بي جداً، لقد صليت صلاة الاستخارة، ولكني أحتاج إلى استشارة أيضاً.

ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كاترين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أختنا الكريمة: إننا نحمد الله إليك تدينك، ونحمد الله إليك استمرارك في حفظ كتاب الله تعالى، وهذا يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكوني أفضل مما نظن.

ولا يخفاك -أختنا الفاضلة- أن القاعدة الأصيلة في القبول أو الرفض هي القائمة على الدين والخلق، فقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".

والمتقدم لك -أختنا- رجل داعية وصاحب شهادة علمية، فإن استوثقت من دينه وخلقه فلا حرج من القبول بعد أن تستشيري أهلك، ويكون الأمر أمام الجميع.

أختنا المباركة: لقد شوه الكثير التعدد، واستغلوا الجهل الواقع في أمتنا، واستغلوا السلوكيات المرفوضة من بعض المعددين، حتى صار هذا الزواج في حكم المحظور، بل والمعيب عند البعض، ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن الدارس والمتأمل لحال الكثير من الأخوات يدرك أن الحل الوحيد لهن هو التعدد، ففيه من المصالح ودرء المفاسد ما تحتاج إليه آلاف النساء وآلاف الرجال.

ولقد عدد بعض أهل العلم الحكم من التعدد في مختصر جامع، ومما قيل فيه:
1- إن الزواج ليس متعة جسدية فحسب، بل فيه الراحة، والسكن، وفيه -أيضاً- نعمة الولد، والولد في الإسلام ليس كغيره في النظم الأرضية؛ إذ لوالديه أعظم الحق عليه؛ فإذا رزقت المرأة أولاداً، وقامت على تربيتهم كانوا قرة عين لها؛ فأيهما أحسن للمرأة: أن تنعم في ظل رجل يحميها، ويحوطها، ويرعاها، وترزق بسببه الأولاد الذين إذا أحسنت تربيتهم وصلحوا كانوا قرة عين لها؟ أو أن تعيش وحيدة طريدة ترتمي هنا وهناك؟

2- إن نظرة الإسلام عادلة متوازنة، فالإسلام ينظر إلى النساء جميعهن بعدل، والنظرة العادلة تقول: بأنه لا بد من النظر إلى جميع النساء بعين العدل.

3- إذا كان الأمر كذلك؛ فما ذنب العوانس اللواتي لا أزواج لهن؟ ولماذا لا يُنظر بعين العطف والشفقة إلى من مات زوجها وهي في مقتبل عمرها؟ ولماذا لا ينظر إلى النساء الكثيرات اللواتي قعدن بدون زواج؟ أيهما أفضل للمرأة: أن تنعم في ظل زوج معه زوجة أخرى، فتطمئن نفسها، ويهدأ بالها، وتجد من يرعاها، وترزق بسببه الأولاد، أو أن تقعد بلا زواج البتة؟ وأيهما أفضل للمجتمعات: أن يعدد بعض الرجال فيسلم المجتمع من تبعات العنوسة؟ أو ألا يعدد أحد، فتصطلي المجتمعات بنيران الفساد؟ وأيهما أفضل: أن يكون للرجل زوجتان أو ثلاث أو أربع؟ أو أن يكون له زوجة واحدة وعشر عشيقات، أو أكثر أو أقل؟ ثم ذكر فوائد أخرى كثيرة يمكن الرجوع إليها.

أختنا الفاضلة: لا شك -وأنت الأخت العاقلة- أن ثمة منغصات ستكون، وأن الأولى لن تقبل بسهولة هذا الأمر، وعليك من الآن تجديد النية بأن لا تطمعي في زواجك منه إلى خراب بيته الأول، وأن تتحملي بعض ما يصيبك احتساباً للأجر، وعليه فإننا نرى أن هذا خير يجب ألا تعترضي عليه، المهم أن تستشيري وتستخيري، وتدخلي أهلك في الأمر حتى يكونوا على بينة.

ونسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً