الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا مصاب بالوسواس أم الفصام؟

السؤال

السلام عليكم.

في سنة 2008 تعرضت لنوبة هلع ورهاب اجتماعي، وخوف من فقدان العقل، وكنت أخاف من مواجهة الناس خوفاً من انتقادهم لي، أو أن ينعتوني بالمجنون، وكنت عندما أمر بجانب شخصين وهما ينظران إلي ويتحدثان أحس بأنهما ينعتاني بالمجنون، لكنني كنت مدركاً أنها مجرد أوهام لا صحة لها.

توجهت لطبيب نفسي بعد شهر من تلك الأعراض، ووصف لي دواءً مضاداً للاكتئاب، ودواءً مضاداً للقلق، داومت على تناوله 15 يوماً، ثم أصبحت بخير، لكن بقي وسواس الخوف من فقدان العقل يلازمني، وأحياناً يذهب، وأحياناً يعود، إلى أن اختفى في عام 2022.

وفي شهر مارس بالضبط تعرضت لنوبة هلع أخرى وخوف شديد، ورجعت تلك الأعراض، فتوجهت للطبيب مباشرةً، وشخص لي حالتي باضطراب القلق والوسواس، ووصف لي دواء سولريد وألبراز ودواء سولريد، وقد سألت الطبيب عن سبب وصفه لي هذا الدواء، فقال لي: بأنه يعالج الخلعة أو الخوف الذي يسببه القولون، المهم أني قمت بتناول الدواء، ولكني لم أجد نتيجة، فدخلت أبحث عن تشخيص لحالتي على الإنترنت، فأثار انتباهي مرض اسمه الفصام، وتعمقت فيه كثيراً، وبدأت أقرأ عن أعراضه، فانقلبت حياتي رأساً على عقب، وبدأت أخاف منه كثيراً، لدرجة أني أسقطت كل تلك الأعراض من هلاوس بصرية وسمعية وشمية على نفسي، وكنت عندما أسمع صوتاً أذهب لأتأكد منه هل هو حقيقي أم لا؟ وفعلاً يكون الصوت حقيقياً.

كذلك نفس الشيء بالنسبة للهلاوس البصرية والشمية، لكني كنت مدركاً تماماً أني أتوهم ذلك، وأني بخير، ولا أعاني من شيء، وقرأت أيضاً عن الأوهام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

من خلال اطلاعي على رسالتك أقول لك: إن حالتك لا علاقة لها بمرض الفصام لا من قريبٍ ولا من بعيد.

الذي بك هي مخاوف وسواسية وليس أكثر من ذلك، فأنت بالفعل لديك هذه الشكوك البسيطة، ولكنّك مُدركٌ لها ومستبصر، ومرتبط بالواقع ارتباطًا كاملاً، وذلك بعكس مريض الفصام الذي تأتيه أفكار في معظمها تكون أفكارًا بارونية اضطهادية شكوكية ظنانية، ولكنّها تكون مُطبقةً، ويكون المريض مقتنعًا بها قناعة كاملةً، ولا يقبل حولها أي جدال، وبكل أسف قد يتصرف حسب هذه الأفكار، فمثلاً إذا أتته ظنون أن شخصًا ما أو مجموعة ما من الناس يتآمرون عليه، ربما يعتدي عليهم بناءً على هذا الاعتقاد، وهكذا.

أمَّا بالنسبة لك - يا أخي -: فطبيعة الأفكار هذه هي أفكار مخاوف وسواسية، وليس أكثر من ذلك، وطبعًا المخاوف الوسواسية كثيراً ما يتبعها القلق النفسي. فأرجو أن تطمئن، هذا من ناحية التشخيص.

أمَّا من ناحية العلاج: فنحن نقول أيضًا أن الوساوس يجب أن تُعالج، وتُعالج بصورة حاسمة جدًّا، والعلاج عن طريق تحقير الفكرة ورفضها واستبدالها بفكرة أخرى، وذلك من خلال صرف الانتباه عنها، وتعتبر هذه السلوكيات هي الأسس العلاجية الرئيسية. فيا -أخي الكريم- اجعل هذا هو منهجك.

والأمر الآخر: من الخطأ جداً محاورة الفكرة الوسواسية أو محاولة تحليلها، أو إخضاعها للمنطق، فهذا كلّه يؤدي إلى زيادة في حِدتها وشدتها، وتكون أكثر استحواذاً.

أمَّا العلاج الدوائي: فهو علاج ضروري ومهم لعلاج مثل هذه الأفكار الوسواسية، ومن أفضل الأدوية بالنسبة لك: العقار الذي يُسمَّى (زيروكسات) والذي يُعرف علميًا باسم (باروكستين)، هو من أفضل الأدوية، كما أن عقار (فافرين) أيضًا والذي يُسمَّى (فلوفوكسامين) من الأدوية الممتازة، وكذلك الـ (بروزاك) والذي يُعرف علميًا باسم (فلوكستين) وحتى الـ (سيبرالكس) والذي يُعرف باسم (اسيتالوبرام) كلها أدوية فاعلة، يُضاف إليها عقار (سيرترالين) أيضًا دواء ممتاز.

وتناول جرعة صغيرة من الـ (سولبيرايد) هو قرار صحيح جدًّا؛ لأن الجرعات الكبيرة للسولبيريد - أي ستمائة مليجرام وأكثر من ذلك - هي لعلاج الفصام، أمَّا الجرعات الصغيرة من خمسين إلى مائتين وخمسين مليجرامًا فهي أدوية داعمة لعلاج الوساوس، وكذلك المخاوف والتوترات.

فإن راجعت طبيبك - أخي - للمزيد من الاطمئنان؛ هذا سوف يكون أفضل، وإن كنت لا تود ذلك فيمكن أن نصف لك أحد الأدوية التي سوف تكون مفيدة لك، وأنا أقترح الـ (فلوكستين) مثلاً، تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها أربعين مليجرامًا - أي كبسولتين - مرةً واحدةً يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تتوقف عن تناوله.

أمَّا بالنسبة للسولبيريد: فتتناوله بجرعة خمسين مليجراماً صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراماً صباحاً لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء. كلها أدوية فاعلة وسليمة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

جزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً