الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي هي الكسل عن فعل أي شيء واللامبالاة، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم..

مشكلتي هي الكسل عن فعل أي شيء، فعلى مستوى النظافة الشخصية فأنا لا أستحم لعدة أيام، ولا أساعد أهلي في شغل البيت، أترك أمي المريضة تعمل لوحدها، ولا أصلي النوافل، ولا أقوم بالطاعات، ولم أقرأ القرآن منذ زمن!

عندي ضعف همة في طلب العلم، وبعض الأحيان لا أصلي صلاة العشاء، وأريد منكم خطوات تفصيلية لعلاج ما أنا فيه، وأرجو أن يكون ردكم سريعاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم كلثوم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يبصرك بالحق، وأن يعينك عليه، إنه جواد كريم.

أختنا: الكسل طبيعة إنسانية خاصة في أي أمر يتعلق بالمشقة أو يتعلق بالطاعة، وأساس الكسل الهروب من الواقع أو الهروب من العمل إيثاراً للراحة والسكينة، وينمي هذا التوجه شيطان لا يرضيه تقدمك كما لا يرضيه إصلاحك، وعليه فقد اجتمع عليك: الشيطان، مع النفس الأمارة بالسوء، مع الطبيعة التي ركنت إليها وسكنت، مما ولد عندك هذا الشعور.

ثانياً: للتغلب على الكسل لا بد من أمور:

1- وجود المحفز القوي: فإذا كان الأمر متعلقاً بالدين فيجب تحفيز النفس على الطاعة بمعرفة الأجر، ذكريها بما أعده الله لها من الجنة، وذكريها رضوان الله تعالى عليها، كلما ازددت من تحفيز النفس على السلوك وجدت الدافعية للفعل، فإذا استقامت فالحمد لله، وإن لم تستقم فخوفيها بعذاب الله تعالى وعقابه، فالنفس تأتي راغبة أو راهبة، وعليك -أختنا- التعامل معها وفق هذه القاعدة، ابدئي بالترغيب ولا تتغافلي عن التخويف بذا تستقيم النفس لك، وهذا يوجب عليك التعلم لكن ليس شرطاً أن تحصري التعلم في القراءة وحدها -وإن كان هاماً- بل يمكنك البدء بالاستماع إلى الأشرطة التي تتحدث عن ذلك، وستجدين في هذا الموقع من الأشرطة ما يغنيك -إن شاء الله-.

2- الانتقال من دائرة الواجب إلى دائرة الاستمتاع به: مثلاً الاستحمام لو نظرت إليه على أنه فرض ولا بد من تأديته ستجدين ثقلاً على نفسك، وكسلاً عنه، فإذا أخذتيه من جانب الاستمتاع، وأن هذا يحسن منك، ويجملك كان الدافع إلى الفعل أكبر، فإذا أضفت إليه أنه أحد أسباب علاج الكسل كان الدافع أكبر، فقد ذكر علماء الاجتماع أن الاستحمام خاصة في الصباح طارد للكسل والخمول كما يساعد على تنشيط الدورة الدموية في الجسم وتنمية الشعور بالحيوية، كل هذه حين تعلمين بها تدفعك إلى الإيجابية في التعامل وطرد الكسل.

وما ذكرناه هنا نذكره مع أي عمل فيه بعض المشقة كأعمال البيت من تنظيف وطبخ وغير ذلك، تعاملي معها بطريقة الاستمتاع، وأنه يخفف عن والدتك المريضة، وأن في ذلك براً بها، وفي الكسل عقوق لها، وأن هذا العمل فيه تنشيط للدورة الدموية عندك، وهكذا نوعي بين الترغيب والترهيب حتى تستقيم النفس.

3- ترتيب الأولويات وتقسيم المهام: من الوسائل الطاردة للكسل ترتيب الأولويات وتقسيم المهام، فطبيعة النفس أنها تتجنب المهمات الكبرى وتنظر إليها على أنها عمل معقد ويحتاج إلى جهد أكبر، مما يزهد المرء فيها، لكن تقسيم هذه المهمات إلى مهام صغيرة، ووضع الأولويات في البدء بها يدفعك إلى العمل وترك الخمول والكسل.

4- الابتعاد عن الهزيمة النفسية: من أخطر الأمور التي تجعل المرء يهرب إلى الكسل: شعوره المتنامي بأنه عاجز عن إصلاح نفسه، وأنه لن يستطيع التقدم، وأنه متى ما تحرك أفسد أكثر مما يصلح، كل هذه -أختنا- من عمل الشيطان، فواجهي ذلك بالتدريب على الثقة بالنفس، والقيام بالأعمال وفق الخطة التي وضعتيها، والفرح بكل إنجاز وإن كان صغيراً.

5- النوم الصحي: من العوامل المحفزة على الابتعاد عن الخمول والكسل: النوم بشكل صحي، وهذا يحتاج إلى ثلاثة أمور:

- النوم في موعد محدد وألا يكون متأخراً، فإن السهر من أسباب الخمول والكسل.
- عدم الذهاب للنوم إلا بعد الجهد والتعب حتى تبتعدي عن التفكير والفراغ.
- الاستيقاظ مبكراً والبدء بتنفيذ ما كتبت من أعمال وفق ترتيب الأولويات وتقسيم المهام.

ومن هنا نحذرك -أختنا- من النوم الكثير؛ لأن كثرته متلف للأعضاء ويجعلها أقرب إلى العجز منها إلى العمل، ولذلك خبراء التربية يوجهون بأن من أفضل الأمور الصحية ممارسة الرياضة بعد النوم ولو نصف ساعة؛ لأن هذا يحرك الدورة الدموية في الجسم، ويلين الأعضاء ويطرد الكسل ويعطي الحافزية للعمل.

6- كما ننصحك -أختنا- بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وبعض تلك الأذكار معينة على الأعمال اليومية، وفي حديث علي وفاطمة ما يدل على ذلك، فقد صح أن فاطمة –رضي الله عنها- شكت ما تلقى في يدها من الرحى، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- تسأله خادمًا فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم، فقال: مكانك فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما، أو أخذتما مضاجعكما، فكبرا أربعاً وثلاثين، وسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهذا خير لكما من خادم.

وختاماً: -أختنا الكريمة- ابدأي واعلمي أن أصعب التحول يكون في بدايته، لكن تقدمك كل يوم ولو خطوة للإمام سيشعرك بالتحسن وسينعكس ذلك إيجابياً عليك، واعلمي أن التغيير الحقيقي يبدأ منك أنت، كل ما نملكه أو يملكه غيرنا هو النصح، فإذا حولت هذه النصائح إلى عمل انعكست إيجابياً عليك، وإذا أهملت فلن ينزل مخلصاً من السماء ليقيمك، فابدئي والله سيعينك.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كل شر، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً