الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أذكر الله عند رؤية ما يعجبني، فهل يدفع ذلك الحسد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتى عمري 16 سنة، أعاني من التفكير والخوف والقلق، وهذا التفكير متعلق بالذنوب التي يجب ألا نفعلها، وتفكيري مرتبط بشكل كبير بالحسد، وأنني أخاف أن أحسد أحدًا، أكره هذا الفعل جداً، وأتمنى أن لا يحدث بأي شخص كان، فعند رؤيتي لشيء يعجبني أو لا يعجبني أقول: (ما شاء الله، تبارك الله، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وأصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأدعو له بالبركة والرزق والعافية).

أصبحت متعباً جداً من التفكير والقلق والخوف، ومنعزلًا عن الناس، أنا أكره الحسد منذ أن كنت صغيراً في سن العاشرة، أتمنى فهم مشكلتي، وشكراً لكم على جهودكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر إنه جواد كريم.

أخي الكريم: هذا الشعور منك يدل على خير فيك، يدل على أنك محب للناس مراقب لله غير مجترئ على المعصية، وهذه صفات جيدة يجب عليك الحفاظ عليها، وعدم تكديرها بملوثات الحياة العصرية التي نعيش فيها.

ثانياً: هناك فارق بين الإعجاب بالشيء وتمني زواله، فليس كل من أعجبت به، أو كل ما أعجبك هو في دائرة الحسد، وعليه فلا بد من التفرقة بين الإعجاب والذي هو صفة طبيعية في الإنسان وبين إرادة الحسد، ويدل على ذلك ما رواه أحمد، والحاكم عن سهل بن حنيف، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه، وماله فليُبَرِّك عليه، فإن العين حق، ومعنى فليُبَرِّك عليه: يدعو له بالبركة"، فلم يعتب النبي -صلى الله عليه وسلم- على من رأى شيئاً فأعجبه، لأنها كما ذكرنا طبيعية بشرية، ولكنه نبه على إلى ما يجب عليه فعله وهو التبريك: أي قوله: اللهم بارك له.

وعليه فما وقع منك تجاه من ذكرتهم وأنت تذكر الله عز وجل ليس من قبيل الحسد، ولا قريباً منه حتى، فاطمئن -يرعاك الله-.

ثالثاً: ليس التبريك فقط ما يرد العين كما فهم البعض، بل قولك : (ما شاء الله لا قوة إلا بالله داخلة فيه)، روى هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئًا يعجبه، أو دخل حائطًا من حيطانه قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، وقال ابن كثير: قال بعض السلف: من أعجبه شيء من ماله، أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وعليه فأنت بهذا من أبعد الناس عن الحسد، ولن يصاب أحد بسببك ما دمت على ذلك.

رابعاً: اعلم -أخي الكريم- أن الشيطان دائماً ما يدخل للإنسان من أضعف نقطة فيه، له غاية يبحث عنها ووسائل يستخدمها، وقد استخدم معك هذا الأسلوب ليعزلك عن محيطك ويشغلك بهذا الوسواس، فاستعذ بالله منه واستخدام معه -نعني الوساوس- هذه الثلاثية:

1- استحقاره: وهذا يتطلب منك عدم التمادي في التفكير، ومع التغافل عنه.
2- رد المظنون إلى المتيقن: المظنون في أثر كلامه ووساوسه، والمتيقن إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الذكر مانع من وقوع الحسد بأمر الله، وقد ذكرت الله عز وجل فليس عليك أدنى شيء من القلق أو الخوف.
3- الابتعاد عن دائرة الفراغ، لأنها الأرضية المناسبة للشيطان، واستغل كل أوقاتك بالعلم أو الرياضة أو صلة الرحم أو صداقات جيدة مع أناس صالحين، مع المحافظة على فرائضك، ونوافلك، وقراءة ورد من كتاب الله تعالى ولو قليل، المهم أن يكون ثابتاً.

كما ننصحك بكثرة ذكر الله عز وجل، وخاصة الذكر العام، وذكر الصباح والمساء، وأذكار النوم، فإن هذا حصن حصين لك.

وفقك الله -أخي- وكتب الله لك القبول والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً