الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج بامرأة ثانية، ما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا رجل متزوج، وعندي بنت بعمر ثمان سنين، والحمد لله.

منذ زواجي اكتشفت أن زوجتي سريعة الغضب، وتغضب لأتفه الأسباب، وتلوم وتشتم أي شخص، ولا تراعي مشاعر من تشتمه، حتى أقرباء الزوج لا يسلمون من لسانها.

لا تراعي حقوقي، وتترصد زلاتي في كل حين، وتتأول ما أقوله تأويلاً خاطئاً، تعبت من تصرفاتها، وصبرت عليها كثيراً.

في كل مرة تحسسني بالانفصال، وتهددني بطلب الشرطة، وتارةً تطلب مني مفتاح السيارة، وإلا ستقوم بتعطيل إطاراتها، فهي غضوبة جداً، ومن كلمة واحدة تعمل مائة كلمة، وتخاصم كل يوم، وتارةً تخرج من البيت وتترك الباب مفتوحاً.

قررت أن أتزوج عليها، فبماذا تنصحوني؟ أثابكم الله، فلقد تعبت منها، وأهم من ذلك أنها لا تعطيني حقي الشرعي في الفراش، فألجأ للعادة السرية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صديق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، إنه جواد كريم

الأخ الفاضل: إننا أمام مسألتين متداخلتين، ومن الخطأ ربطهما للخروج بنتيجة واحدة:
الأولى: التعدد.
الثانية: خلق الزوجة.

لا بد من الفصل بين المسألتين، حتى لا يكون الزواج الثاني مجرد هروب لا أكثر، وبذلك تتراكم المشاكل وتزداد، وأنت لا تشعر، ولذلك دعنا نتحدث عن المسألتين منفصلتين:

أولاً: التعدد لا يحتاج إلى علة حتى يكون مباحاً، بل هو مباح ومشروع من حيث الأصل، لكنه في أحوال معينة يكون مندوباً، وقد تعتريه من الأحكام الشرعية ما يجعله واجباً، وقد يكون محرماً، وذلك كله لاعتبارت شرعية معلومة.

مثلاً، إذا اجتمع عند الرجل القدرة المالية والبدنية، وخشي على نفسه الوقوع في الحرام فإن الزواج في حقه واجب، وإذا لم يكن عنده القدرة المالية والبدنية ولا يحتاج إليه، فإن التعدد ساعتها مفض إلى هدم البيت الأول فإن التعدد يكون محرماً، وعليه فالتعدد من حيث الأصل مباح دون الحاجة إلى وجود مبرر، لكنه يختلف باختلاف حال السائل.

ثانياً: زوجتك غضوب كما تفضلت، ولا تراعي حقوقك ولا أهلك، ولا تعطيك حقك الشرعي، كل هذا عرض عن مرض، والواجب عليك معرفة الأسباب التي تدفعها إلى ذلك ومن ثم الاجتهاد في معالجتها أولاً.

أخي الكريم: إصلاح الزوجة خير لك ولابنتك من الهروب إلى الأمام، لأنه سيجعل موقفك أكثر صعوبة، فأنت الآن ولست متزوجاً لم تستطع أن تأخذ موقفاً إيجابياً، بل تحاول المداراة لأجل ابنتك أو لاعتبارات أخرى لا نعلمها، وعليه فإننا أولاً ندعوك إلى ما يلي:

1- الحديث مع الزوجة بشفافية واضحة والتعرف على الأسباب الحقيقية التي جعلتها تتصرف بهذه الطريقة، ومن ثم فرز تلك المشاكل، فما أيقنت أنه خطأ منك فعالجه، وما اتضح أنه خطأ منها تعالجه، وما اشتبه عليكما تستعينا بمن تتفقان عليه من أهلك أو أهلها أو أهل الصلاح ليصلح بينهما.

2- استخدام كل الوسائل الشرعية للإصلاح من الوعظ والهجر، وإدخال الحكمين من أهلك وأهلها حتى ينصلح حالها.

3- استخدام الصبر واحتساب الأجر في إصلاح الزوجة، والاستعانة بذلك بتذكر بعض صفاتها الحسنة، ولن تعدم من وجود صفات لها جيدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ).

4- اجتهد ألا تقدم على التعدد إلا بعد أن يتضح لك الإصلاح من عدمه، حتى لا يكون التعدد ساعتها ردة فعل، فتقع في بعض المزالق التي أردت الفرار منها.

أخيراً: إننا ننصحك أن تسعى في إصلاح زوجتك ما أمكنك ذلك وأن تدخل من أهل الخير من يصلح بينكم حتى تنصلح، وأن تؤجل قرار التعدد إلى ما بعد الفصل في مسألة إصلاحها من عدمه، نظراً لطبيعتها الخلقية وطبيعتك التي تراعي الزوجة وتجتهد في الابتعاد عن المشاكل، فإذا تبين لك ولمن دخل في موضوعكما خطأ الزوجة وإصرارها فابحث عن زوجة صالحة أخرى بهدوء واستعن بالله تعالى واستشر واستخر قبل الإقدام، هذا ما نراه أصلح وأوفق.

والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً