الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت على فتاة وأحبتني وأريد أن أتوب، أرشدوني.

السؤال

السلام عليكم

ارتبطت لأول مرة بهذه الفتاة التي عرفتها عبر الفيسبوك صدفةً، وتعلقت بي وأحبتني، ومع الكلام والأخذ والجذب ارتبطنا، ونحن الآن معاً منذ 8 شهور.

مع الوقت أصبحت العلاقة سامة، وكثرت المشاكل، وفقدت مشاعري، هنا كانت اللحظة التي أفقت فيها من غفلتي، فمنذ ارتباطي بها خسرت صحتي وديني، وكل شيء، وأصبحت الحوارات بالحرام، وتأنيب الضمير، بالإضافة لكذبي ووعودي لها فقط كي لا أجرحها.

هي متعلقة جداً بي، وأخاف أن تصاب بالجنون، وأكون قد ظلمتها إن توقفت، كي أصارحكم؟ لست قادراً على الزواج بها، ولا أريد الاستمرار في الحرام، ولا في هذا الكذب.

أريد التوبة، وأريد الهرب من هذا، أفيدوني رجاءً، فلقد نغص عيشي الحرام، وأريد حلاً يرضي الطرفين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يوفقك.

بخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فأقول:

-أخي الفاضل: لا شك أن العَلاقة التي بدأت بهذه الطريقة الخاطئة من الطبيعي أن تُوصل لهذه النتائج المؤلمة، ولكن يجب أن تتوقف هذه العَلاقة، وهذه المشاعر، رغم الألم الذي يمكن أن يحصل، لأن الألم الذي يحصل رغم قسوته وشدته للفتاة أو لك؛ إلَّا أنه أهون وأيسر وأخف من الاستمرار والتمادي في الخطأ.

أوصيك بما يأتي:
- استشعر عظمة الله، ورؤيته لك، واطلاعه عليك، وأنه لا يخفى عليه شيء، قال الله: (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء)، واعلم أن ما أنت فيه الآن معصية لله ومنكر كبير، بل هي من كبائر الذنوب.

- الواجب عليكما التوبة النصوح لله عز وجل، والتي تعني ثلاثة أمور: الندم الشديد على الوقوع في هذه المعصية، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الندم توبة)، الإقلاع عن الذنب مباشرة، والعزم والحرص الأكيد على عدم العودة إلى هذه المعصية مرة أخرى.

- اعلم أن رضا الله هو غاية المسلم، فهل رضا هذه الفتاة –عندك- مقدم على رضا الله؟ فما أنتما عليه من عَلاقة غير شرعية هو من سخط الله، ورضا الله هو في قطع هذه العَلاقة، فمن الذي سترضي؟ وقد قال رسول الله: (من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ؛ رضِيَ اللهُ عنه، وأرْضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ، سخِط اللهُ عليه، وأسخَط عليه الناسَ).

- لا تتعامل مع معصية الله بعين العاطفة والخوف على المشاعر، وإنما تعامل معها على وفق ما شرع الله وأمر به، ولذلك يجب قطع هذه العلاقة بمنتهى الوضوح، فالنتائج التي ستحصل قد تكون مؤلمة، لكن الألم الأكبر والأخطر هو التمادي، والعبث بالمشاعر.

- يجب أن تكون قوياً، وتُعلن التوبة مِن علاقاتٍ لا تحلُّ لك، وتكون أقوى في مواجهة المعاصي والمغريات.

- لا بد أن تقطع كل ما يُذكّرُك بها، وكل الوسائل الموصلة إليها أو التي توصلها إليك.

- أوصيك -أخي- بالإكثار من الأعمال الصالحة، ومن النوافل والصدقات، ودعاء الله عز وجل، والإكثار من قراءة القرآن، والاهتمام بالصلاة وأدائها في وقتها.

- احرص على الصحبة الصالحة؛ لأنها من أكثر ما يعين الشخص على الطاعة والثبات.

أسأل الله أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يتقبل توبتك، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً