الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الوفاء بوعد الزواج إذا ترتب عليه مشاكل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد الله أوقاتكم بكل خير.

لي قريب استشارني بأمر أربكني، فقلت أستعين بكم أهل العلم، نفعنا الله بعلمكم.

شاب متزوج منذ فترة، ويجد في نفسه رغبةً في الزواج من أخرى، مع القدرة المادية، ويعيش في بلد تكثر فيها الأرامل والعوانس بسبب الحرب، فضلاً عن وجود دوافع داخلية، وهناك دوافع أخلاقية لتعدد الزوجات.

تعرف هذا الشاب على فتاة، ووعدها بالزواج، وتعلقت الفتاة بهذا الوعد، ثم اضطر أن ينتقل إلى بلد آخر بسبب الحرب، وكانت هذه الأحداث منذ خمس سنوات، وبعد استقراره في البلد الآخر باشر بإجراءات الزواج من الأخرى، ولكنه فوجئ بردة فعل الأولى وأهلها، ووجد معارضًة كبيرةً، قد تؤدي به إلى طلاق الأولى، ومع عدم قدرته على التوفيق بين الزوجتين، أصبح هذا الشاب أمام خيارين: إما أن يخلف وعده للفتاة الثانية التي وعدها بالزواج، أو أن يطلق الأولى، ويضيع أطفاله بينه وبين أمهم، فيعمر بيتاً ليهدم آخر، فما نصيحتكم؟ بارك الله بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا وأخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هذا الصديق، ونحيي حرصك على السؤال لجهات الاختصاص، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الصواب والسداد.

لا شك أن حفاظ الإنسان على بيته وأسرته وأطفاله من الأمور الأساسية، وإذا كان من حق الزوج أن يتزوج بالثانية وبالثالثة وبالرابعة، فمن المهم جدًّا أن يُخطط لذلك، وأن يُحسن التدبير في هذه الأمور، وألَّا يُؤسّس أي علاقة، أو يمضي في عقود وعهود قبل أن يتأكد من إمكانية القيام بذلك العمل، وإمكانية الزواج من الثانية.

ولا شك أن الحرص على هدوء البيت والحفاظ على بيته وأطفاله في هذه المرحلة وفي الظروف التي يذكرها –التي ليس فيها استقرار واضح– من الأفضل أن يكتفي ببيته الأول، وبعد ذلك يستمر في المحاولات مع الزوجة وأهلها، فإن تيسّر له ارتبط بتلك الفتاة، وإلَّا فنسأل الله أن يرزقها مَن هو خيرٌ منه، وأن يُعينها على الصبر، وطبعًا الإشكال هنا هو أن العلاقة بدأت دون غطاء شرعي، فمن الذي سمح له أن يتكلّم معها وأن يعدها، وأن يمتّن هذه العلاقة العاطفية دون أن ينظر إلى نهايات الأمور، أو يتأكد من مآلاتها التي يمكن أن تصير إليها.

على كل حال: لو أنه أحسن الاعتذار للفتاة بأن يقول لها: (إذا جاءك من هو خيرٌ منّي، ووجدت فرصةً، فأرجو ألَّا تتأخري، نسبةً لظروف عدم الاستقرار وللظروف العائلية التي أعيش فيها، والظروف الاقتصادية، وأنا أسأل الله تبارك وتعالى أن يسهّل أمرك، وأنا سأستمر كذلك في المحاولات)، ويفضّل ألَّا يُخبرها، ثم يستمر في محاولاته في إقناعهم، فإذا أقنعهم واستطاع أن يُهدأ الأمور وتيسّرت له الأمور بعد ذلك، فلا مانع من أن يبحث عنها ليتزوجها إن لم تتزوج، أو يبحث عن غيرها، فالشريعة لا تمانع من هذا الأمر، لكن من المهم جدًّا أن تُدرس الأمور دراسة صحيحة، وهذه واحدة من مشكلات المُعدّدين، أن المسألة لا تُدرس دراسة صحيحة، فيترتّب عليها خسائر كبيرة، مع أن الزواج من مثنى وثلاث ورباع من شرع الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يُعينه على الخير، ونتمنَّى أيضًا أن يستمر في تصحيح المفاهيم عند زوجته وأسرته، من أن هذا أمرٌ شرعه الله، ومن أن الزوجة الثانية أو الثالثة بأطفالها إنما تأتي برزقها، والله الذي تكفّل بالأرزاق وهو القائل: {وما من دابة في الأرض إلَّا على الله رزقها}.

نسأل الله أن يسهل أمرك وأمره، وأن يُلهمه السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً