الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لتعدد الزوجات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 36 سنة، ولدي زوجة وطفل والحمد لله. أنوي الزواج بامرأة ثانية ولا يوجد لدي سبب سوى أني أرى في الزواج الثاني توازناً أكبر وتفرغاً لتربية الأولاد، بحيث تكون المسؤولية موزعة على بيتين، وأيضاً أرى أن الزوجة ستأخذ مساحة أكبر بالتفرغ لتطوير نفسها عند غيابي في البيت الثاني، وأيضاً نية الأجر بالزواج من امرأة أرملة لديها أيتام.

بالنسبة لمسألة الرزق وهل أنا قادر! فقناعتي بالأرزاق أنها من عند الله، وكما تيسر زواجي الأول يتيسر الثاني والأيام بين عسر ويُسرَين، وعندي أمل أن يوسع الله علي بهذه النية -إن شاء الله-.

هل أنا قادر لإدارة بيتين؟ -إن شاء الله- بعد وضع شروط وضوابط ومبادئ لكي يكون الزواج مستقراً كما الأول، أرى ذلك بفضل الله وكرمه.

فما رأيكم؟ وبماذا تنصحوني؟ هل أقدم على هذه الخطوة أم أصرف هذا الجهد لإعالة أهلي في سوريا؟

وجزيتم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يكفينا وإيَّاك بحلاله عن حرامه، ويُغنينا بفضله عمَّن سواه.

لا شك –أيها الحبيب– أن تناولك لقضية تعدّد الزوجات بهذه الطريقة والتفكير الجادّ العميق للمسؤوليات المترتبة على ذلك؛ كلُّ ذلك يدلُّ على رجاحة في عقلك، وما تقصده بالزواج بالنية الصالحة من الإحسان إلى امرأةٍ أرملة والإعانة والتربية للأيتام: هذه نية حسنة وقصدٌ طيب يأجرُك الله تعالى عليه، وإن لم يتحقق ويتنفذ، فما تنوي الخير فأنت بخير، هذا ما قاله الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى-.

والنية يحصل بها الإنسان على أجور كبيرة، إذا كان قاصدًا عملاً صالحًا ولم يقدر عليه، وعلى هذا دلَّت أحاديث كثيرة، فنرجو لك الأجر والثواب بقصدك ونيتك.

أمَّا من حيث الإشارة عليك والنصح في شأن تعدّد الزوجات؛ فنصيحتنا لك –أيها الحبيب– أن تكون إنسانًا واقعيًّا، فالإسلام يدعوك لأن تفكّر تفكيرًا واقعيًّا بعيدًا عن الخيال والأوهام، والإسلام يدعو الإنسان إلى التعامل مع الأسباب، والقرآن علَّمنا أن لكل شيءٍ سبباً، فقد أمر الله تعالى مريم عليها السلام وهي تُعاني آلام الوضع، أمرها بأن تأخذ بسبب رزقها، فقال: {وهزّي إليك بجذع النخلة تُساقط عليك رُطبًا جنيًّا * فكلي واشربي وقرّي عينًا}، والشاعر يقول:

أْلمْ تَـَر أن اللهَ قــال لمريـــــمٍ ... وهُزِّي إليكِ الجذعَ يَسَّاقطُ الرُّطَبْ
ولو شاء أن تَجنيهِ من غيرِ هَزِّهِ ... جَنَتْه، ولكن كلُ شيء لـه سببْ!!

وفي آيات التعدُّد يقول الله سبحانه وتعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورُباع فإن خفتم ألَّا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألَّا تعولوا}، ومن معاني قوله سبحانه وتعالى {ألَّا تعولوا} ألَّا تكثرَ عيالكم، وهذا التفسير حكاه العلماء عن الإمام الشافعي –رحمه الله تعالى– ولهذا كان لا يُستحب للإنسان أن يُكثر من الزواج خشية أن يقع في هذا المعنى، وهو كثرة العيال مع قلّة ذات اليد فتكثر عليه المسؤوليات.

وفي مثل حالك –أيها الحبيب– قد يكون التزوّج من امرأة أخرى عِبئًا جديدًا وسببًا في التفريط في حقوق الأولاد والزوجة، فنصيحتُنا لك أن تصرف النظر عن هذا ما دمت بهذا الحال الذي ذكرتَ، فإذا وجدت من نفسك القدرة على إعالة الأسرتين وعلمتَ أنك تقدر على العدل بين الزوجتين فحينها ينبغي أن تفتح لنفسك هذا الباب، أمَّا قبل ذلك فاشتغل بما تقدر عليه، لا سيما وقد ظهر لنا من كلامك أنك لا تخاف على نفسك الوقوع في معصية؛ لأنك مكتفٍ بزوجتك الحالية.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويُرضّيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً