الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما ركزت في دراستها كلما شعرت بألم في رأسها!!

السؤال

السلام عليكم.

ابنتي عمرها ١٧ سنةً، كان توجهها علمياً، وكانت دائماً تحصد المراكز الأولى في الصف، توقفت عن الدراسة منذ العام الماضي؛ بسبب عدم قدرتها على التركيز، فكلما انتبهت وركزت مع دروسها كلما شعرت بألم شديد في النصف الأسفل من رأسها ورقبتها، وتفقد بصرها، ثم تدخل في غيبوبة، مع خدر في يديها ورجليها.

أجرينا لها جميع الفحوصات والتحاليل والأشعة اللازمة عند طبيبة المخ والأعصاب، ولم تكن هناك مشكلة عضوية لديها، وأوصاها بعض الأطباء بأن تأخذ فترة راحة، ولكن المشكلة ما زالت قائمةً!

كما أنها لا تستطيع أن تتجاوز قراءة ثلات صفحات من المصحف، أو من القصص المبسطة، ولا تستطيع إنجاز حتى عمليات الجمع البسيطة، فما تفسيركم لحالة ابنتي؟

وجزاكم الله خير الجزاء على جهودكم القيمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم نسيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لهذه الابنة الصحة والعافية والشفاء.

طبعًا نحن في مثل هذه الحالات ندعو أن تُؤخذ هذه الابنة لأحد الدعاة أو الداعيات من أجل الرقية الشرعية، وفي ذات الوقت أنت يمكنك أن ترقيها، وأن تكون هي حريصة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار ما بعد الصلوات، وتسأل الله أن يحفظها، ولا تدخلوا أبدًا في أي وسوسة حول العين والسحر، هي أمور موجودة، وما ذكرناه يكفي تمامًا بصرف شرورها، فالله خير حافظًا، والإنسان مكرَّم. هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: من الناحية الطبية النفسية؛ هذه الفتاة -حفظها الله- أعتقد أن لديها شيئاً من القلق الاكتئابي، والقلق الاكتئابي كثيرًا ما يظهر بهذه الكيفية، بمعنى أن اليافعين والمراهقين ومَن هم في سِنِّ ابنتنا هذه لا يُعبّرون عن اكتئابهم من خلال الحديث عن الأعراض المزاجية، مثل قول: (إني مكتئب، إني حزين، إني أحس بالكدر، إن الدنيا سوداوية)، لا يقولون هذا، لكن من خلال سلوكياتهم وتصرفاتهم، وأحد هذه السلوكيات هو التدهور الأكاديمي، بل عدم الرغبة في الدراسة، وضعف التركيز.

فهذه البنية –حفظها الله– إذا ذهبتم بها إلى طبيب نفسي أعتقد أن ذلك سوف يكون أمرًا جيدًا؛ لأنها تحتاج لأن تتناول أحد مضادات المزاج، وهنالك أدوية فاعلة جدًّا مثل عقار: (اسيتالوبرام)، أو عقار (فلوكستين)، أو عقار (سيرترالين) كلها أدوية ممتازة جدًّا وسليمة في عمرها، فإن كان بالإمكان أن تذهبوا بها إلى طبيب نفسي هذا الأمرٌ -حقيقة- أنا أحتّم عليه، بل أرجو أن يحدث.

الأمر الثاني هو: هذه الفتاة يجب أن نعلّمها وندرّبها ونساعدها في تنظيم وقتها، هذا مهمٌّ جدًّا، وأولى خطوات تنظيم الوقت هو النوم الليلي المبكّر، لأن ذلك يؤدي إلى ترميم كامل في الدماغ، وكذلك في الجسد، وتستيقظ -إن شاء الله- نشطة، وتؤدي صلاة الفجر، وبعد صلاة الفجر تكون هنالك مرحلة من التركيز الجيد جدًّا بعد الصلاة والاستحمام وتناول كوب من الشاي أو القهوة، قطعًا هذه الفتاة يمكنها أن تقرأ شيئًا من القرآن الكريم، ثم تدرس، هذا البكور فيه خيرٌ كثير، ومَن يدرس لفترة ساعة في الصباح خيرٌ له من دراسة ثلاث ساعات في بقية اليوم، والإنجازات الصباحية تعطي شعورًا إيجابيًّا ومردودًا إيجابيًّا كبيرًا، خاصة لمثل من في عمر ابنتنا هذه.

إذًا هذه خطوة مهمة جدًّا، كما أنها محتاجة لأن تمارس بعض التمارين الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة، ومحتاجة أيضًا أن تُطبق ما نسميه بتمارين الاسترخاء، وتمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات وقبضها، هذه كلها علاجات مهمّة جدًّا، وبالمناسبة يمكن للطبيب النفسي أن يحوّلها للأخصائية النفسية التي تعمل معه لتقوم بتدريبها على هذه التمارين، كما أنه توجد برامج ممتازة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

هذه البنت نحتاج أن نشعرها بأهميتها داخل الأسرة، أن تُعطى بعض المهام، ألَّا يتم تجاهلها، وأن نعطيها الشعور بأنها قوية، وأنها ممتازة، ونجعلها تتأمّل ما هو وضعها بعد عشر سنوات من الآن، أين هي؟ ما هو محصولها العلمي؟ ما هي درجاتها؟ الزواج السعيد ... كل هذا يجب أن تتحدثوا عنه معها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً