الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من عقاب الله لي وأن يحرمني ما أتمنى، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 24 سنة، أحب شاباً يريد خطبتي، ولكن أهلي رفضوه في المرة الأولى، وها نحن نحاول في المرة الثانية، فقد أصبحت خائفةً من أن ينفضح أمري، ويعلموا بمعرفتي السابقة به، ويكتشفوا أمري، عندي إحساس بأن أبي لن يوافق، لكنني أدعو الله وأبكي، ولا زال شعور الخوف يرافقني من أن يكشف أمري، وكلما تخلصت من شعور سلبي وتفكير يأتيني غيره، الآن أصبحت أشعر أن شيئاً ما سيصيبني، إما كشف أمر، أو فضيحة، ولكن دعوت الله بالستر، وارتحت، بعدها رجع ليستمر معي هذا الشعور، كل يوم أصلي وأدعو، ولا أعلم ماذا يحصل لي.

أصبحت أخاف أن يعاقبني الله، قرأت أن الشعور بوقوع مصيبة، أو الخوف يجلبه، أو يكون تشاؤماً وسوء ظن بالله، وخفت كثيراً أن أكون قد وقعت بفخ الشيطان، وصرت أخاف من عقاب الله لي على هذا التفكير، وصرت أخاف أن يكون هذا فعلاً سوء ظن بالله، وأنا لا أريد ذلك.

أتعوذ من الشيطان، وأدعو الله أن لا يكون كذلك، وأستغفره، ولكنني خائفة جداً، لا أريد أن أبقى هكذا محبطةً ويائسةً ومتشائمةً، ولا أريد أن أسيء الظن في الله، أو أخاف من وقوع أمر ما.

أصبحت أشعر بأن الأوان قد فات، أريد القرب من الله، وأريد أن يغفر لي، ولا أريد أن أكون قد وقعت في التشاؤم أو سوء الظن بالله سبحانه وتعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ zozo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك في عمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبخصوص ما تفضلت به، فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: إننا نحمد الله الكريم المنان الذي سترك، ونحمد الله إليك إرادتك للخير وسعيك إليه، وهذا يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكوني أهلاً لكل خير.

ثانياً: اعلمي -أيتها الكريمة- أن الزواج رزق كتبه الله عز وجل على عباده، فاهدئي واطمئني وثقي أن من قدره الله لك زوجاً سيأتيك وأنت معززةً مكرمةً، ومن لم يقدره الله لك لن يكون، ولو اجتمع أهل الأرض كلهم على ذلك، والله يفعل ويقدر كل شيء لحكمة، فاطمئني، فقدر الله غالب، وقد كتب لك من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، وهذا الحديث يدفعك إلى الاطمئنان، وعدم الجزع، فما كتبه الله لك سيكون، فأبشري وأملي في الله خيراً.

ثالثاً: اعلمي -أختنا- أن قضاء الله خير لك مما أردته لنفسك، وتذكري أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمني الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم) فكوني علي يقين بأن اختيار الله لك هو أفضل من اختيارك لنفسك.

رابعاً: إن الله الذي ستر يغار على محارمه أن تنتهك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ ما حَرَّمَ عليه)، فاحذري -أختنا- من التواصل مع الشاب بأي صورة من صور التواصل، فالله قد ستر، لكن متى ما تجاوزت أنت فإن الله قد يرفع ستره عنك، ولك أن تتخيلي موقفك إن حدث ذلك -لا قدر الله-، وعليه فمن تمام شكر الله عليك أن تقومي -وفوراً- بقطع العلاقة مع الشاب حتى يقدر الله أمره.

خامساً: الشاب أحد اثنين: صالح أو غير ذلك، والصالح أحد اثنين: مقتدر أو غير ذلك، وهناك أمور يدركها الأهل لا تفهمها الفتاة في مثل عمرك، فإذا كان الشاب من ناحية التدين والأخلاق صالحاً، فإننا ننصحك بالآتي:

1- الاجتهاد أولاً في معرفة الأسباب المانعة من قبول الوالد، والتفكير فيها بمعزل عن العاطفة.

2- حدثي والدتك على انفراد، واسمعي منها، واعرضي ما قالته أولاً على عقلك، ثم إن وجدت رداً على ما ذكرته، فاجلسي معها بينك وبينها وأخبريها بوجهة نظرك بهدوء، وكوني على ثقة بأن قضاء الله نافذ، وأن أهلك أحرص الناس عليك، فاطمئني ولا تثقي في أحد بعد الله إلا أهلك.

سادساً: ما يحدث معك من الخوف من الغد أو الفضيحة -لا قدر الله-، وما يحاك في ذهنك حول ذلك، هو قطعاً من الشيطان، يريد أن يستنزف قواك، ويصرفك عن طاعة مولاك، فاطمئني واستعيذي بالله منه، فلست سيئة الظن بالله والحمد لله، كل ما في الأمر أنك خائفة.

ونحن نقول لك: اطمئني؛ فالذي سترك وأنت في المعصية لن يفضحك وقد تبت إليه، فأملي في الله الخير، ولا تخبري أحداً مهما كانت علاقتك به بما كان معك أو ما حدث، فإن القلوب تتغير، وراسلينا في أي وقت تحتاجين فيه إلى نصيحة.

نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يثبتك على الطاعة، وأن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً