الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أوفق في الدراسة هذه السنة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من قلة التوفيق في الدراسة هذا العام، فمهما بذلت من مجهود، فلا يتناسب مع الدرجات التي أحصل عليها، فهل يوجد ذكر أو عبادة أداوم عليها لزيادة التوفيق؟ وكيف أهون على نفسي قلة التوفيق والشعور بالفشل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونشكر لك كذلك علو همتك وحرصك على التميز والتفوق في دراستك، ونسأل الله تعالى أن يبلغك من الآمال ما فيه نفعك، وصلاح دينك ودنياك.

ونحن نود أولاً -أيتها البنت العزيزة- أن نحثك على التفاؤل، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- منع كل سلوك من شأنه أن يسوق الإنسان نحو التشاؤم، وذلك أن التفاؤل يبعث الإنسان على الجد والعمل والإنتاج، وهذا التفاؤل إنما هو جزء من حسن الظن بالله سبحانه وتعالى، والمؤمن مأمور بأن يحسن الظن بربه، وأن يكون متيقناً بأن الله سبحانه وتعالى سيسوق له الخير، ويقدر له ما فيه صلاحه، وهو مع هذا الظن الحسن بالله يأخذ بالأسباب المشروعة بقدر استطاعته.

ومع هذه العقيدة التي يضمرها قلبه، وهذا الجد والاجتهاد الذي يقوم به بدنه، هو مفوضاً أموره إلى الله سبحانه وتعالى، وراضياً بما يقدره له، وشعاره دائماً رضيت بالله رباً، أي متصرفاً ومدبراً لأموري، ومن المؤكد -أيتها البنت العزيزة- أن أقدار الله سبحانه وتعالى التي يختارها لنا هي الخير الذي يصلح لنا، فإذا عاش الإنسان المسلم بهذه الروح، فإنه سوف يعيش سعيداً منتجاً، ويصل إلى ما يقدره الله تعالى له من الأقدار.

فإذاً إخفاقك في بعض الأحيان عن الوصول إلى المراتب العالية لا يعني أبداً بأن هذا هو القدر النهائي الذي كتبه الله تعالى لك، فتصابين بهذا الشعور من العجز والفشل، بل ينبغي أن تدركي بأن القادم -إن شاء الله- أفضل، ليكون هذا الاعتقاد باعثاً لك على الزيادة والإنتاج، وقد أحسنت حين سألت عن الأسباب التي توصل الإنسان إلى مزيد من التوفيق، وأول هذه الأسباب أن يحسن الإنسان علاقته بالله سبحانه وتعالى، فإن تقوى الله سبباً لكل رزق حسن، كما أن المعصية سبباً أكيداً في حرمان الإنسان من الخيرات، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه".

ومن الأسباب أيضاً -أيتها البنت العزيزة- اللجوء إلى الله وكثرة الدعاء، فاسألي الله ما تتمنينه من التفوق والنجاح، والوصول إلى خيري الدنيا والآخرة، وليس هناك دعاء خاص نسميه دعاء التوفيق، إلا ما علمنا به النبي -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-، فقد علمها أن تقول في كل صباح ومساء:" يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".

فهذا واحد من الأدعية التي ينبغي للإنسان أن يلازم الدعاء بها، وهو يسأل ربه أن لا يكله إلى نفسه ويتركه، وهذا المعنى المعاكس والمغاير للتوفيق، فالتوفيق معناه أن لا يتركك الله لنفسك، وإنما يتولى تأييدك وإعانتك، فأكثري من هذا الدعاء، لاسيما في الصباح والمساء، واسأليه سبحانه وتعالى كل مسألة مباحة في نفسك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً