الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من حزني بعد دعائي على ولدي بالموت؟

السؤال

كان لدي ولد شخصيته صعبة بعض الشيء، وكنت قد تعبت في مداراته، فقلت له ذات مرة: "الله يحرمني منك إذا أردت أن تشقيني في الدنيا والآخرة" والمعنى الذي أردته في نفسي: أن يموت وهو صغير إذا كان مقدراً له أن يكون عاصيًا لله تعالى إذا كبر؛ لأنه يشق علي أن أرى ولدي الذي هو ثمرة فؤادي وجهدي من أهل المعاصي.

ثم إنه مات بعد بضعة أشهر، فحزنت حزنًا شديدًا وتذكرت دعوتي تلك، وشعرت أنني السبب فيما جرى له، فهل أنا آثمة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب..

أولاً: أحسن الله تعالى عزاءك، وعظم أجرك بفقد ولدك، ونسأل الله تعالى أن يجعله شافعاً لك، وسبباً لدخول الجنة، وأن يعوضك ويخلف عليك بخير منه، ونسوق إليك أولاً من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما تطيب به نفسك، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي حسان أنه قال لأبي هريرة: يا أبا هريرة إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا، فقال أبو هريرة: نعم، سأحدثكم عن رسول الله، ثم حدثهم بالحديث فقال: (صغارهم دعاميس الجنة، يتلقى أحدهم أباه -أو قال: أبويه- فيأخذ بثوبه كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا -أي بطرف ثوبك- فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة) فهذا الحديث فيه بشارة عظيمة لمن مات له ولد، وأن الله تعالى يجعل هذا الولد سبباً لدخول الجنة، فأحسني ظنك بالله سبحانه وتعالى.

وأما ما ذكرت بشأن دعائك على هذا الولد، فنقول أولاً: إن دعوتك هذه ليست دعوة عليه مجردة ومطلقة، وإنما كانت مقيدة بقيد، وهو إن كان هذا الولد سيكون سبباً للشقاء في الدنيا والآخرة، فإنك تسألين الله تعالى أن يأخذه قبل حصول هذا الشقاء، وهذا في الحقيقة ليس دعاء بِشرٍّ محض، وإن كان الأفضل للإنسان أن يعود لسانه الدعاء بالخير، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تدعوا على أنفسكم ولا أولادكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمّنون على ما تقولون"، ولكن كوني على ثقة تامة من أن أقدار الله تعالى مكتوبة، فالآجال مكتوبة والأرزاق مقسومة، وقد كتب الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة "يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق". أي أن الأقدار قد فرغ منها.

وقد قال الله في كتابه الكريم: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)، فلا تسمحي لهذه المشاعر الكئيبة والحزينة أن تسيطر عليك، وتدخل الغم إلى قلبك، وتوجهي إلى ربك سبحانه وتعالى واسأليه الخير لك ولأولادك، وأن يعوضك خيراً من هذا الولد، وستجدين الخلف والعوض بإذن الله تعالى.

ونؤكد عليك بوصيتنا بأن تعوّدي لسانك الدعاء بالخير، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً