الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما أشعر به وسواس قهري أم أحلام يقظة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من أعراض غريبة حيث إنني أرى خيالات في المنزل وبالتحديد عندما أكون جالسةً وحدي، وأتكلم مع هذه التخيلات كثيراً، وكثيراً ما أتعرض للإحراج من الأهل فمثلاً: يأتيني الخيال ويسألني سؤالاً عن شيء عادي جداً، فمثلاً يسألني ماذا فعلتِ اليوم؟ وأنا أجيبه، أو يمكن أن أتخيل الطبيب النفسي الذي أذهب إليه، أو أتخيل صوراً وخيالات كأن أحداً مر من خلفي، أو أنني أشعر بالمراقبة بمن يمشي خلفي وخصوصاً في الليل يشتد معي هذا الأمر، ففي رمضان كنت أسهر ولا أنام الليل، وكنت أرى خيالات كالمهرج شكله مرعب جداً، لكن هذا المهرج ذهب ولله الحمد.

ذهبت لطبيب نفسي، وقال لي أن أرفع من جرعة الدواء الذي آخذه إلى حبة ونصف يومياً، وقال لي: إن هذا الدواء يخلصني من هذه الخيالات والدواء هو (ايربيبرازول)، فعندما رفعت الجرعة من حبة واحدة فقط إلى حبة ونصف، صممت أن أدعو الله، وأكثر من الذكر الذي هو: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، لأكثر من ألف مرة على مدار اليوم، شعرت بأن معظم الخيالات التي كانت تأتيني ذهبت -لله الحمد والمنة- لكن بقي القليل مع الحديث معها، فكيف أتخلص من هذه الخيالات ومن الكلام معها؟

وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

أنا متأكد أن طبيبك الذي نصحك بتناول الـ (إريبيبرازول Aripiprazole) قد أوضح لك طبيعة هذه التجارب النفسية التي تمرُّين بها، وهي متداخلة حقيقة، فيها شيء من الوسوسة، وفيها شيء من أحلام اليقظة، وربما يكون أيضًا فيها بعض الجوانب المتعلّقة بكيفية التفكير ونوع التفكير، والـ (إريبيبرازول) دواء مناسب جدًّا لعلاج هذه الحالة -والحمد لله تعالى- منهجك الإسلامي الجميل بالدعاء والذكر أيضًا قد ساعدك كثيرًا.

وأنا أقول لك: أهمُّ شيء لعلاج هذه الحالات هو التجاهل، والتحقير التامّ، وهذا يأتّي من خلال أن تتفهمي أنها كظاهرة اجتماعية مرفوضة وغير مرغوبة، والإنسان إذا حقَّر الشيء يستطيع أن يتجنّبه. إذًا التحقير مهم.

وأريدك أن تُطبقي تمارين سلوكية ثلاثة:
- اجلسي داخل الغرفة وفي هدوء تام، خاطبي هذه الظاهرة وهذه الأفكار التي تأتيك قائلة: (أنتِ أفكار حقيرة، أنت أفكار حقيرة، أنا لن أهتمّ بك أبدًا، أنتِ تحت قدمي ...) وهكذا، وتُكررين ذلك عدة مرات.

- ثم تنتقلين إلى تمرين آخر بعد ذلك، يُسمَّى هذا التمرين (صرف الانتباه) قولي لنفسك: (بدل أن أسترسل في هذه الخيالات وما هو متعلِّقٌ بها، أنا سوف - مثلاً - أقرأُ سورة الإخلاص ثلاث مرات. أو: سوف آخذُ نفسًا عميقًا عشر مرات. أو: سوف أتأمّلُ في أي شيء آخر)، يعني: أن تدخلي في نشاط ذهني فكري يكون مُحبَّبًا إلى النفس، وذي أهمية أكبر ليصرف انتباهك عن هذه الأفكار.

- ثم انتقلي لتمرين ثالث نسميه بـ (التنفير): وأنت جالسة داخل الغرفة استجلبي هذه الخيالات، وفجأة قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح طاولة، من المفترض أن تحسّي بالألم، الربط ما بين الألم وهذه الخيالات الوسواسية سوف يُضعفها كثيرًا، بشرط أن يُكرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.

وأنت -الحمد لله تعالى- بقي لك القليل القليل جدًّا من هذه الخيالات، والتخاطب أو الخوض في الحديث معها، فطبقي هذه التمارين التي ذكرتها لك، وتناولي الدواء حسب ما وصفه لك الطبيب.

وطبعًا الذكر وتلاوة القرآن مفيدان ولا شك في ذلك، وأنت لديك تجربة إيجابية في هذا السياق، وأيضًا يمكن أن تطلبي من طبيبك أن يُحوّلك إلى الأخصائية النفسية، وأنا متأكد من خلال الجلسات النفسية المعرفية سوف تستفيدين كثيرًا من الناحية العلاجية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً