الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات قلق الأداء وكيفية التغلب عليها

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
في بلادنا يمر الشخص الذي يريد الحصول على رخصة قيادة إلى اختبارين، الأول وهو عبارة عن اختبار للمواقف ( الباركينج ) وهذا سهل جداً.

ولكن مشكلتي أنني عندما كنت أتمرن على هذا القسم مع مدربة القيادة كان كل شيء تماماً وسهلاً، وأخبرتني أنني سأنجح بإذن الله بكل سهولة.

وحان يوم فحص الباركينج، وحينما أتى دوري لأذهب لميدان الفحص، ركبت سيارة الفحص ومعي شرطي يقوم بالاختبار، طبعاً طلب مني أن أقوم بإيقاف السيارة في عدة أماكن وبطرق مختلفة.

المهم أنني لم أعمل هذه الأشياء بطريقة صحيحة، وأخذ الشرطي يستهزئ ويقول: ما هذا؟ ألم تتعلمي جيداً؟ هل شاهدت أحداً يوقف السيارة بهذه الطريقة؟ ثم طلب مني الانتقال إلى عدة مواقف، وكلها كنت أغلط فيها، وعند الباركينج الأخير قال لي: هذه فرصتك الأخيرة، وأيضاً أدخلت السيارة بطريقة خاطئة فقال لي: عيدي من جديد، ثم أعدت ـ والحمد لله ـ أصبت هذه المرة، ثم أخذ يقول باستهزاء: أكيد فعلتيها بالصدفة لا أصدق!

وعندما قام بالتوقيع على الشهادة قال لي: راسبة، ولكنه كتب عليها ناجحة (لأنه في الواقع الجميع ينجح من أول مرة).

المشكلة أنني لم أتوقع أن أفعل كل هذه الأخطاء، لم أكن أتوقع أن أكون سيئة بهذه الدرجة، ولأن مدربتي كانت تشجعني، وفي أيام التدريب العادية لم أكن أخطئ وكنت جيدة.

لا أعرف ماذا حصل لي في يوم الفحص؟ وحينما عدت المنزل أخذتني نوبة بكاء عنيفة! وحالة من الهياج وأخذت أبكي بحرقة شديدة! كل هذا بسبب أسلوب الشرطي.

في بلادنا هناك القسم الثاني وهو التدريب في المدينة أي في الشوراع.

الحقيقية ما لمسته من التجربة الأولى جعلني أخاف من القيادة لفترة أصبحت لا أثق بنفسي، وكثيراً ما كنت أتغيب عن حصص التدريب وأغلق هاتفي النقال حتى لا تتصل بي المدربة.

ولكن ـ الحمد لله ـ كنت أتدرب بشكل متقطع، وتقريباً زال الخوف ولكن المشكلة الآن أنني أصبحت جاهزة نوعاً ما لاختبار القيادة الحقيقي في المدينة.

صحيح أنني لم آخذ موعداً بعد، ولكنني خائفة من أن يتكرر معي نفس الشيء.

أنا أعلم أن الشرطي ذاته لن يكون موجوداً، ولكنني خائفة من أن أخطئ وأن يستهزأ بي مجدداً، علماً بأني أقود بشكل ممتاز ـ والحمد لله ـ وأعرف القوانين كلها.

ولكن لا أريد أن يستهزئ بي أحد، ماذا أفعل؟ فأنا محتاجة للرخصة، فهي ضرورية بالنسبة لي حتى أخفف عن والدي في مشاويري إلى الجامعة.

ساعدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ نورة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا أرى حقيقة أن لديك مشكلة حقيقية، الذي ينتابك هو نوع من القلق، وهذا يعرف باسم قلق الأداء، أي الذي هو مرتبط بأداء أشياء معينة في الحياة، والقلق في حد ذاته وسيلة من وسائل النجاح والتوفيق، ولكن بالطبع إذا زاد عن الحد ربما يكون ذلك هاجساً للإنسان، وهذا في نظرنا أيضاً إن شاء الله أمر طبيعي لأنه سوف يكون أمراً محدوداً.

شيء مهم لاحظته في رسالتك، أنه ربما يكون أداؤك في أثناء الامتحان ليس بالصورة التي تتصورينها، وليس بالصورة التي عكسها الشرطي الذي قام باختبارك، هنالك الكثير من الناس يقلل من قيمة أدائه، خاصة إذا لم يجد الطرف الذي يشجعه، بكل أسف قام هذا الشرطي بانتقادك دون مبرر، وبإحباطك، ليس من حق الممتحِن أبداً أن يحبط الشخص الممتحَن، عليه أن يكون محايداً ولا يدلي بأي نوع من التعليقات، وحتى إن أدلى بتعليق يجب أن يكون مشجعاً، وهذا هو منهجنا حتى في امتحانات الدكتوراه بالنسبة للأطباء.

إذن: فالحيادية يجب أن تكون منهجه، وأنا حقيقة أأسف جدّاً لمثل تصرفه، ولكن تعرفي تماماً أيتها الابنة الفاضلة، أن الناس ليسوا سواسية في منهجهم، وليسوا سواسية في أسلوبهم وطباعهم، وعليك ألا تأخذي ما ذكره لك بالتضخيم والتجسيم، هو شخص -بكل أسف- ليس منضبطاً حيث ما تقتضيه المهنة التي يمارسها، ولكن في الحياة كثيراً ما نقع في أشياء لا ترضينا ويكون المسؤول عنها الآخرون.

الحمد لله أنت قد نجحت في الاختبار الصعب، وأنا أعرف تماماً أن امتحان الشارع أسهل كثيراً؛ فأرجو أن تثقي في نفسك، وأرجو أن تواصلي التمارين، وأرجو أن تعرفي أن آلاف وملايين الناس يتحصلون على هذه الرخصة، وأنت إن شاء الله سوف تتحصلين عليها في يوم ما، وأتمنى أن يكون هذا اليوم قريباً، حتى ولو فشلت في الامتحان، هذه ليست نهاية الأمر، أنا لا أتمنى لك الفشل قطعاً، ولكن عليك أن تكوني أكثر هدوءاً وأكثر تجلداً.

واعرفي أن هذا من الاختبارات البسيطة جدّاً، وأنك إن شاء الله سوف تتحصلين على الرخصة، وأنت محتاجة لها، وسوف تصلين إن شاء الله إلى ما تردين، عليك فقط تناسي ما قاله لك الشرطي فهو غير محق، وهو يعكس حقيقة الجانب السلبي، ولكن الحمد لله يوجد الكثير من رجال الشرطة الذين هم أكثر إيجابية وأكثر انضباطاً، وأتمنى في المرة القادمة أن يمتحنك شخص يكون صاحب منهج آخر أكثر حياديةً ومهنية وتربويّاً.

أرى أنه ربما يكون من الأفضل لك أن تقللي أيضاً من مستوى قلقك عن طريق تناول أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق، هنالك عقار يعرف باسم فلونكسول، هو عقار جيد جدّاً وسليم ولا يسبب أي آثار جانبية، وهو الحمد لله متوفر في مملكة البحرين، أرجو أن تتناوليه بجرعة نصف مليجرام – أي حبة واحدة – في اليوم لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة صباحاً ومساء لمدة أسبوعين، ثم لحبة واحدة في اليوم حتى تنتهي من هذا الامتحان.

عليك أيتها الابنة أيضاً أن تقومي بإجراء بعض تمارين التنفس، والتي تساعد في الاسترخاء، عليك وأنت مستلقية وتتأملي في شيء طيب وجميل، أن تأخذي نفساً عميقاً، ويا حبذا لو قمت بغمض العينين وفتح الفم قليلاً، النفس يجب أن يكون عميقاً وببطء، وبعد أن تمسكي الهواء قليلاً في صدرك أخرجي الهواء بنفس العمق والبطء، وهذا هو الزفير، كرري هذا التمرين عدة مرات، وحين تحسين بالقلق سوف تجدينه إن شاء الله فعّالاً ومفيداً لك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأنا على ثقة كاملة أنك سوف تتحصلين على رخصة السواقة، ونقول لك مبروك مقدماً.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً