الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب النفسي المقرون ببعض المخاوف مع الميول للوساوس

السؤال

السلام عليكم

كنت مصاباً بمرض الرهاب، ولم أكن أدر بذلك إلى أن دخلت الجامعة، فبدأت الأعراض تظهر بصورة جلية، لكني اعتبرت أن هذا الأمر جزء من شخصيتي حتى أصبت بالأعراض التي سأذكرها وهي:

- زيادة ضربات القلب
- آلام في الصدر
- العرق
- الاهتزاز
- ضيق النفس
- الغثيان وآلام في المعدة
- الدوخة
- الإحساس بأني في عالم غير حقيقي أو أني منفصل عن نفسي!

- الخوف من فقدان السيطرة (الجنون) أو الموت.

- التنميل، والإحساس بالبرد الشديد أو السخونة الشديدة في الأطراف.

ودامت هذه الأعراض معي مدة طويلة وبصفة حادة، إلى أن قررت الذهاب إلى طبيب نفسي؛ فوصف لي (الأنفرانيل) و(التروكسان) فخفت الأعراض قليلاً حيث استطعت القيام من الفراش، وداومت على الذهاب إلى الطبيب وكان كل مرة يعطيني نفس العلاج تقريباً، واستمريت على هذه الأدوية أكثر من سنة دون تحصيل الشفاء.

صحيح أن الأعراض قد خفت لكني أعاني من وهن شديد وكوابيس متكررة كل يوم، حيث أحس بنفسي وأنا نائم أن جسمي ليس مادياً بحيث أخترق الجدران مثلاً! وهذا يسبب لي الكثير من الألم، وأصبحت غارقاً في أفكار فلسفية لا حل لها، مثل أن الحقيقة نسبية؛ مما ثبط عزيمتي، وأصبحت لا أستطيع القيام بأي شيء حتى الدراسة، بالإضافة إلى ملل شديد واكتئاب يجعلني أفكر في الانتحار أحياناً.

أرجو بشدة الرد؛ فقد أضيع إن استمر الحال على ما هو عليه.

شكراً وجزاكم الإله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه الأعراض التي سردتها وبدقة ممتازة، تدل على أنك تعاني بالفعل من نوع من الاكتئاب النفسي المصحوب ببعض أعراض المخاوف، كما أن لديك بعض الميول للوساوس.

أرجو ألا تنزعج لكل هذه التسميات، فهي تدور في فلك واحد وحول محور واحد؛ حيث أن السبب في كل ذلك هو أنه ربما يكون لديك نوع من الاستعداد النفسي لأن يحدث لك اضطراب كيمائي في مادة تعرف سيرتونين وهي توجد في المخ، وهذه المادة حين تتقلب الموصلات العصبية أو الناقلات العصبية ولا تفرزها بالصورة الدقيقة، تؤدي إلى هذه الصورة الإكلينيكية أو الصورة النفسية التي وصفتها.

أخي! الحمد لله، فما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فأرجو ألا تفكر في الانتحار مطلقاً فهو عمل آثم، وفي نفس الوقت الحياة جميلة ولديك أشياء كثيرة، أنا على ثقة كاملة أنك تريد أن تعيش من أجلها، ونحن الحمد لله في أعظم أمة وهي أمة الإسلام، والشيء الآخر -يا أخي- هذه الحالات يمكن أن تعالج تماماً ويمكن أن تختفي تماماً، فالحمد لله الآن توجد أدوية فعّالة وممتازة، وأفضل من الأدوية التي تناولتها، وسوف تساعدك إن شاء الله كثيراً.

أفضل دواء لعلاج حالتك هو الدواء الذي يعرف باسم (سبرالكس)، أرجو أن تتناوله بجرعة 10 مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى 20 مليجراما وتستمر عليه لمدة تسعة أشهر متواصلة، أرجو أن تكون حريصاً وملتزماً في تناول العلاج حتى يتم البناء الكيميائي الصحيح، وبعد انقضاء التسعة أشهر تخفض الجرعة إلى 10 مليجراما لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك يمكنك التوقف عن العلاج.

مع بداية (السبرالكس) أود أن تتناول علاجاً آخر يعرف باسم (زاناكس)، بجرعة بسيطة وهي ربع مليجراما ليلاً لمدة أسبوعين فقط، ثم ربع مليجراما يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين أيضاً، ثم تتوقف عنه -إن شاء الله- سوف تجد فائدة وراحة كثيرة باستعمال هذه الأدوية.

يا أخي بجانب العلاج الدوائي لا بد أن تكون لديك العزيمة والتصميم، فأنت الحمد لله في مقتبل العمر، وأنت طالب ولديك الكثير الذي تود القيام به.

أخي الفاضل! الاكتئاب يمكن أن يهزم ويجب أن يهزم، عليك فقط بالتصميم والعزيمة، وعليك أن تكون فعّالاً، وعليك أن تكون إيجابياً، عش الواقع بقوة وعزيمة، وعش المستقبل بأمل، وعليك -يا أخي- أن تصاحب وأن تستعين بالإخوة الصالحين من زملائك رفقة المسجد، وحلقات التلاوة فيها الكثير من التدعيم المعنوي والنفسي، وإن شاء الله تجني خيري الدنيا والآخرة من خلال ذلك.

لا تفكر في الانتحار، فكر في الحياة وعظمتها وجمالها، وساهم في عمارة هذه الأرض، بارك الله.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً