الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق والخوف الاجتماعي والوساوس والاضطراب

السؤال

قبل ثلاث سنوات أصبت بصدمة نفسية قوية حيث حصلت مشكلة كبيرة بيني وبين أعز أصدقائي، وأنا غلطت غلطة كبيرة وهم أيضاً، وبعد فراقنا بقيت سنة كاملة أعاني من هذا، وكنت دائم التفكير فيهم، حيث كنت أمسك وسادة النوم وأضربها وأصرخ لإخراج ما بداخلي، والحمد لله أني تخلصت منه.

كتبت لكم عن هذه الحادثة لأعرف إن كان لها علاقة بما أشعر به الآن، هل هو وسوسة قهرية أم كآبة أم قلق أم أنا محسود لا أعرف؟!

أنا شاب في السابق كنت أثق بنفسي لدرجة كبيرة جداً، ولا أخاف من أي شيء، بل إن ثقتي وصلت لمرحلة التهور، وبعد فترة دخلت إلى نادي كمال أجسام لأزيد من قوتي فزادت، وزادت ثقتي معها، ثم بدأت أفكر أن هذه الرياضة لم تعطني ما كنت أطمح في الوصول إليه فتركتها، وبدأت أبحث عن رياضة أقوى منها، وبعد فترة سجلت في أحد أندية الدفاع عن النفس (كونغ فو) فوجدت فيها ما أريد، فهي رياضة عنيفة جداً وقوية، وبعد فترة من لعب هذه الرياضة زادت ثقتي بأن عندي القدرة على التعامل مع المشاكل بالشارع بشكل أكبر وجميع المشاكل.

وبعد فترة من ذلك عندما كان يطلب منا المدرب النزول للقتال أشعر بشعور ما في بطني وفي أعلى الصدر، ولا أعرف ما هو هذا الشعور! فأفكر هل هو خوف أم تردد أم ماذا؟ مع أني أدرك أنني لا أخاف، ولكن لماذا هذا الشعور؟

وعندما يطلب مني القتال مع أي شخص أقاتل، وقبل القتال يأتي هذا الشعور مع أني مدرك أني أقوى، وأني لا أخاف، وعندما أنزل للحلبة أثبت لنفسي ذلك الشيء، ولكن قبل النزال التالي يأتي نفس الشعور، وبعد ذلك أصبحت عندما أسمع شيئاً عن النادي يأتي ذلك الشعور، لا أعرف لماذا؟ مع أني أدرك أنني لا أخاف أبداً، وعندما يتحدث أصدقائي، البعض منهم (الذين يحسدونني) عن هذه الرياضة أحس بشعور ما في بطني أو أعلى الصدر، لماذا؟

مع أني أحب هذه الرياضة، المشكلة الكبرى هي كثرة تفكيري بالأمر بدون إرادتي (هل هو وسواس قهري)؟ لماذا يأتيني هذا الشعور ببطني دون أن أفكر، أحياناً أو عندما أتكلم مع أحد، وعندما أرى شخصاً ما يربطني أو لا يربطني بهذه الرياضة؟

الآن وأنا أكتب أشعر بشعور ما في بطني، هل هو عضوي أم نفسي أم نفسي وجسدي؟ وهل السبب مادة السيروتونين التي قرأت عنها الكثير محاولاً البحث عن إجابة؟

المفروض أنه عندما لعبت هذه الرياضة زادت ثقتي بنفسي، وقد زادت، ولكن لماذا هذا الشعور يأتيني؟ أحياناً يأتيني هذا الشعور عندما تأتي فتاة لتكلمني في الجامعة أو عندما أكلم شخصاً ما (في بداية الكلام يأتي الشعور ثم يذهب) ويأتي عندما أكون في طريقي للذهاب للنادي فلماذا؟ مع أني أعرف أني أحب النادي، وأحب القتال، ولا أخاف؟ ولماذا كثرة تفكيري بهذا الأمر دون إرادتي؟

دائماً أردد على نفسي وأقول بأن هذه الأفكار وسوسة وحسد من أصدقائي على ثقتي الزائدة بنفسي وقوتي، ودائماً يحاولون أن يثبتوا لي أني لا شيء، حتى أخي الشقيق يفعل ذلك، ولكني غير مهتم لأني أعرف نفسي.

دائماً أردد على نفسي عبارات أني لا أخاف، وأنه لا شيء يسبب الخوف، وأني غير مهتم، وأني أثق بنفسي، مع أني قبل التدريب وحتى بعده زادت ثقتي بنفسي، ولكن لماذا يأتيني هذا الشعور مع أني أعرف أنه لا داعي لهذا الشعور؟

ولماذا دائماً أفكر بأي شيء دون إرادتي (هل هو وسواس قهري أم كآبة أم قلق أم ماذا؟) مشكلتي متعددة الجوانب وأهم هذه الجوانب كثرة التفكير بلا سبب، والشعور السيئ ببطني أو أعلى صدري، فمثلاً إذا كان هناك مشكلة وطلب صديقي أن أقف معه أنا أعرف بأني قوي وأثق بنفسي ولا أخاف، ولكن لماذا هذا الشعور يأتيني ببطني أو أعلى صدري في بادئ الأمر؟ مع أني واجهت أعنف من هذا الموقف بكثير في النادي والتدريب؟

وعندما أفكر وأكرر بأن هذا حسد ووسوسة، وأكرر أني لا أخاف مع أني مدرك أني لا أخاف يذهب هذا الشعور لفترة بسيطة جداً ثم يعود بلا سبب، أنا أقاوم هذا الأمر النفسي الأحمق منذ فترة طويلة ولكن لماذا أبقى أفكر به؟ وعندما أفكر أحياناً أقول بأني كنت قبل التدريب أثق بنفسي وبعد التدريب زادت ثقتي بنفسي، ولكن لماذا هذا الشعور؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذا الشعور الذي يأتيك من شعور في البطن وأعلى الصدر، وكذلك الشعور بالمضايقة، هو عبارة عن قلق بسيط من نوع قلق المخاوف، وهذه المخاوف تحمل الطابع الاجتماعي، إذن هي مخاوف اجتماعية ليست أكثر من ذلك، حيث إنها مرتبطة بالتفاعل الخارجي مع الآخرين أو ممارسة هذه الرياضة.

أنت -الحمد لله- غير مصاب بالكآبة، ولا أعتقد أن هنالك وساوس قهرية حقيقية.

القلق كثيراً ما يرتبط ببعض الوساوس البسيطة، ولكن لا نستطيع أن نقول أن هذا هو التشخيص الأساسي أو التشخيص المبدئي، هذا الشعور الذي يحدث في البطن وعلى الصدر هو نوع من الانقباضات العضلية البسيطة، ويعرف أن توتر النفس يؤدي إلى توتر وانقباض العضلات، وأكثر العضلات تأثراً هي عضلات البطن وكذلك عضلات الصدر، وفي بعض الناس تكون عضلات الرأس وأسفل الظهر.

الحادثة التي حدثت لك وهي المشكلة مع الأصدقاء، لا نستطيع أن نفصلها عما حدث لك، أي أنها ربما تكون هي الشرارة التي منها انطلقت هذه التفاعلات النفسية الداخلية، ويظهر أن لديك الاستعداد للتأثر النفسي، وبما أن الحدث أو المشكلة كانت مشكلة كبيرة، لا شك أنها أدت إلى ردة فعلٍ نفسية سلبية، ظهرت ردة الفعل بشكل هذه المخاوف والتوتر والقلق.

بالنسبة للأسباب، -كما ذكرت لك- أرى أنك لديك الاستعداد أصلاً لذلك، وبالطبع العامل الآخر هو بالتأكيد اضطراب بسيط في مادة السيروتونين كما ذكرت، وهذا الاضطراب ناتج من الاستعداد الذي تحمله شخصيتك.

إذن: فالحدث الحياتي – أي المشكلة التي حدثت لك – زائداً الاستعداد في شخصيتك زائداً اضطراب السيروتونين؛ أدت إلى هذا التفاعل النفسي السلبي، وإن كنت أرى أنه الحمد لله ليس بالسوء الشديد أو الذي يحدث الخوف منه، خاصة أنك الحمد لله بدأت في الوسائل العلاجية وهي أنك تردد مع نفسك أنك قوي وأنك لست بخائف، وهذا بالطبع مبعث الثقة ويزيد إن شاء الله من قوتك ومن تحملك.

بالنسبة لأمر الحسد، فنحن لا نستطيع أن ننكره، حيث إن هذه الأمور موجودة، ولكن أرجو ألا تكثر الاعتقاد من ذلك في حالتك، حيث أرى أنها حالة طبية بسيطة، عليك يا أخي فقط أن تكون حريصاً على صلواتك وأذكارك وتلاوة القرآن والدعاء؛ فهذا إن شاء الله يكفي تماماً من الوقاية من أي عين أو حسد أو سحر أو خلافه.

واصل رياضتك ولا تكن حساساً، وفكر في مستقبلك الجامعي، فأنت -الحمد لله- الآن في مرحلة دراسية هامة وتتطلب منك المزيد من الجهد والاجتهاد، هذا -إن شاء الله- يساعدك في إزالة هذه الحالة، وعليك أيضاً مواصلة التمارين السلوكية التي تقوم بها حيث أنها مفيدة.

الشيء الأخير هو أنه لا بأس مطلقاً من أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق والتوتر، ومن أفضلها العقار الذي يعرف باسم سبرام، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة من فئة 20 مليجرام، خذ حبة واحدة يومياً ليلاً بعد الأكل لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد انقضاء هذه المدة خفض الجرعة إلى حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن هذا الدواء.
ختاماً: أسأل الله لك التوفيق والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً