الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهلي يجبرونني على نزع الحجاب، فهل أطيعهم؟

السؤال

بعد التحية.

أريد أن ألبس الحجاب، وأنا والحمد لله ملابسي جميعها محترمة جداً، وأتمنى أن ألبس الحجاب، لكن أهلي لا يريدون ذلك، مع المحاولة أكثر من مرة معهم، ماذا أفعل وأنا حاولت كثيراً جداً معهم؟ وهم غير مقتنعين أصلاً به، ويقولون إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فرض الحجاب على أهل بيته فقط، وعندما أعترض على كلامهم تحدث مشادة كلامية بالبيت ولا يتكلمون معي لمدة قد تصل أحياناً إلى شهر، وبالرغم من ذلك يجبرونني على عدم الحجاب، فماذا أفعل؟

أرجو الرد، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهي عباس، حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهنيئاً لمن تعشق الستر والحجاب وترغب في رضوان الواحد الوهاب، ونسأل الله أن يلهمك رشدك والصواب! ومرحباً بك في موقعك، وبين إخوة يدلونك على ما جاء في السنة والكتاب.
ولا يخفى على من يعرف أحكام الشرع أن الحجاب شريعة الله لجميع المؤمنات؛ لأنه تعالى قال في كتابه: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ))[الأحزاب:59]، فعندما نزلت هذه الآية انقلب الصحابة إلى أزواجهم وبناتهم وأمهاتهم يرددون آية الحجاب، فقامت كل امرأة إلى مرطها فشقته نصفين، ومشين إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأن على رؤوسهن الغربان!

وليس في أمر الحجاب خيار؛ لأن الله سبحانه يقول: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا ))[الأحزاب:36].
ويؤسفنا أن نقول أن أعداء الحجاب قد شوشوا على المسلمين في أمر الحجاب؛ لأنهم يريدون أن تخرج الفتاة وهي متبرجة، ولذلك جاء بعد آية الحجاب قوله تعالى: (( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ))[الأحزاب:60]، وكأن الآية تحدد أعداء الحجاب، وتصف ما في قلوبهم من مرض ونفاق وسوء قصد، ورغبة في التشويش.

ومن هنا فنحن ننصحك بإزالة هذه الشبهة! وذلك بالتحاكم إلى عالم درس العلوم الشرعية وعرف بالخير والصلاح، وحبذا لو كان معروفاً ومقبولاً عند أهلك؛ حتى يجد كلامه عندهم الاهتمام.

وهناك شبهات أخرى تثار حول الحجاب، حيث يرى بعضهم أن الحجاب للمتزوجات وكبيرات السن، ومنهم من يعتقد أن الحجاب يتسبب في عنوسة المرأة! ولكن الحجاب جزء من عقيدة المسلمة، وليس لديها خيار في شأنه!

ولذلك فنحن ننصحك بأن تتقي الله وتصبري، واجتهدي في إقناع أهلك وزيدي من برك لوالديك واحتملي الأذى؛ فإنك مأجورة عند الله! وذكريهم بأن الحجاب حفظ للمرأة من أعين السفهاء، والله سبحانه يقول: (( ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ))[الأحزاب:59]، فيعرفن بأنهن العفيفات الطاهرات، ويتميزن بالحجاب عن الفاسقات المتبرجات.
وأرجو أن تحاوريهم برفق، واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وتدرجي في إقناعهم واجعلي البداية بمن تتوسمي فيه الخير، وقولي لهم كيف يرضيكم نظر الرجال إلى عرضكم وبنتكم؟ أليس عندكم غيرة؟!

واطلبي مساعدة العقلاء من أرحامك، وهدديهم بترك العمل إذا منعوك من الحجاب، واستخدمي كل حيلة ووسيلة لإقناعهم، وأكثري من التوجه إلى من يجيب من دعاه، ويوفق إلى التمسك من هداه.

ونسأل الله لك السداد والثبات!


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً