الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تؤثر الأدوية المعالجة للخوف والقلق على الرضاعة؟

السؤال

أرجوكم المساعدة العاجلة، أشعر أنني على وشك الجنون أو الانتحار، منذ عام تقريباً بدأت تنتابني حالات من الفزع والرعب كلما غادرت المنزل إلى مكان عام، أو ذهبت لزيارة أحد، أو استقبلت ضيوفاً في المنزل، أو بقيت لمفردي في مكان ما، لدرجة أنني امتنعت أخيراً عن مغادرة المنزل، بل أصبحت أطلب من زوجي أن لا يذهب إلى العمل حتى لا أبقى مع أطفالي في المنزل بمفردي، وفقدت الرغبة في كل شيء حتى الاهتمام بأطفالي وهو أكثر ما يعصر قلبي ويزيد من عذابي، ولذلك قررت أخيراً أن أذهب إلى طبيب نفسي، وبالفعل توجهت إلى الطبيب وشرحت له معاناتي وشخص الحالة بأنها اكتئاب ووصف لي دواء Xanax زانكس عيار (0.5) مرتين يومياً.

والسؤال: هل هذا الدواء هو العلاج الصحيح؟ حيث أنني لم أشعر بكثير تحسن، ويسبب لي ثقلاً في الرأس ودوار والكثير من النوم.

والسؤال الأهم: ما تأثيره على الرضاعة؟ حيث أنني أقوم بإرضاع طفلتي ذات الشهرين وقد طلب مني الطبيب ألا أرضعها قبل مرور ست ساعات على تناول الدواء، مع أنني أتساءل ما الفرق في ذلك؟ حيث أن الحليب يبقى في صدري طوال هذه المدة فكيف أضمن عدم وصول المادة الدوائية إليه في هذه الأثناء؟

الرجاء الإجابة بشكل عاجل، فأنا قلقة على تغذية طفلتي كثيراً، وهي دائمة البكاء بسبب الجوع؟

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيتها الفاضلة: أنت -إن شاء الله- لن تصابين بالجنون، وأرجو ألا تفكري في الانتحار مطلقاً، والإنسان لديه أشياء كثيرة وجميلة يجب أن يعيش من أجلها، ولكن حين تأتينا لحظات من الكآبة والمضايقات تجعلنا ننسى كل الجماليات الموجودة في حياتنا، فأرجو أن تراجعي نفسك في هذا السياق.

بالنسبة للأعراض التي وردت في رسالتك هي حقيقة تدل أنك تعانين من علة المخاوف، وعلتك هي من النوع المركب، أي المخاوف المركبة، مخاوف الخروج، مخاوف المواجهة، مخاوف التفاعل مع الآخرين، ومخاوف فقدان الرفقة الآمنة، وهذا النوع من المخاوف معروف لدينا جدّاً.

مع احترامي الشديد للطبيب الذي قام بفحصك وأخبرك بأن حالتك هي اكتئاب نفسي، إلا أني حقيقة لا أرى أنك تعانين من الاكتئاب النفسي كتشخيص أولي، فالتشخيص الأساسي هو أنك تعانين من مخاوف مركبة، ربما يكون هنالك نوع من عسر المزاج أو عدم الارتياح النفسي، ولكنه ثانوي وليس هو الأساس.

الزاناكس يعتبر علاج طيب وجيد لعلاج القلق وكذلك المخاوف، ولكنه لا يفيد في علاج الاكتئاب، وحقيقة الزاناكس يعاب عليه أيضاً أنه ربما يؤدي إلى نوع من الإدمان والتعود إذا استمر الإنسان في تناوله دون رقابة طبية، ولا يفضل استعماله مطلقاً أكثر من ستة أسابيع.

أتفق معك تماماً أنه ربما يؤدي إلى نوع من الشعور بالاسترخاء والثقل في الرأس، وهذا يكون في الأيام الأول للعلاج، والجرعة التي تتناولينها نصف مليجرام مرتين في اليوم تعتبر جرعة مرتفعة نسبياً، الجرعة التي تتطلب في حالتك ربع مليجرام ليلاً لمدة يومين، ثم بعد ذلك يمكن أن ترفع الجرعة إلى ربع مليجرام صباح ومساء لمدة أسبوع، ثم تخفض بعد ذلك الجرعة إلى ربع مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم يتم التوقف عنه.

بالنسبة للزاناكس -كما ذكرت لك- لا يعتبر علاجاً أساسياً في حالتك، ربما يكون علاجاً مساعداً وبالجرعة التي ذكرتها لك.

أما فيما يخص إرضاع الطفلة فهذا سؤال جيد، المبدأ العام هو أن نقلل من الرضاعة مع تناول هذه الأدوية، بالرغم من أن الزاناكس من الأدوية السليمة نسبياً فيما يخص الرضاعة، وهو يفرز بنسبة 5 إلى 10% في الحليب.

الطريقة المثلى هي أن تتناولي الجرعة ثم بعد ستة ساعات تقومي بحلب أو إخراج الحليب الموجود في الثدي، أي تقومي بتفريغ الثدي بصورة كاملة من الحليب الذي به، ثم بعد ذلك سوف يتكون حليب جديد بعد ساعة أو ساعتين، هنا يمكن أن تقومي بإرضاع الطفلة من هذا الحليب.. أعتقد أن ذلك هو الذي قصده الطبيب؛ لأن الزاناكس من الأدوية القصيرة الفعالية، يبدأ مفعوله بعد نصف ساعة يصل قمته بعد ساعتين، ثم يبدأ في الانخفاض بعد أربع ساعات.

إذن الحليب الذي تكون خلال مرحلة الستة ساعات هو الذي سوف يحتوي على الدواء، أما بعد ذلك فلن يوجد فيه دواء، أعتقد أن ذلك هو الذي قصده الطبيب، وعلى العموم أرجو أن تكون الأمور بالنسبة لك واضحة الآن.

أختي الفاضلة: الدواء الأمثل والأفضل لك هو العقار الذي يعرف باسم زيروكسات، وهذا الدواء لا يفرز كثيراً في الحليب -بفضل الله تعالى-، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة -10 مليجرام- ليلاً، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عنها.

هو علاج ممتاز وجيد يعالج القلق والتوتر والمخاوف وكذلك الوساوس وحتى الاكتئاب الثانوي سوف يزول -بإذن الله تعالى-.

أختي الفاضلة: ل ابد أيضاً لك من الآليات النفسية الأخرى في المعالجة، وهي ألا تستكيني ولا تستسلمي لهذه المخاوف، حاولي أن تواجهيها، حاولي أن تحقريها، حاولي أن تقومي بما هو ضدها؛ هذا -إن شاء الله- يفيدك كثيراً، غيري أيضاً من تفكيرك إلى ما هو إيجابي، أنعم الله عليك بالكثير؛ فأنت زوجة، وأنت أم، وعليك الكثير من الواجبات، حاولي أن تتواصلي اجتماعياً، حاولي أن تكثري من الدعاء لنفسك، ولا شك أنك ملتزمة بكل متطلباتك الدينية.

أسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً