الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب بسبب العقم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
منذ عام تقريباً أصابتني حالة من البكاء الشديد وضيق التنفس مع توتر جسدي، ذهبت إلى المستشفى فأحالوني على طبيب نفساني ولم أصدق أن مشكلتي نفسية، حيث إنني لم أشعر بأي حزن، ولكن الطبيب أكد لي أنه قلق واكتئاب متوسط الشدة، وهو نتيجة معاناة سبع سنوات من أجل الحصول على طفل حيث لم يرزقني الله بأطفال، زوجي على خلق وأنا مرتاحة معه ولا ينقصنا سوى أن يرزقنا الله بأولاد.

وصف لي الطبيب لوديوميل وزانكس حبة منهما مساء لمدة شهر، لم تعد الأعراض لي إلا بعد الانقطاع عن الدواء، فعدت لتناوله حسب رأي الطبيب ولكن بشكل متقطع ولمدة شهرين خوفاً من الاعتياد، إلا أنني عدت وانتظمت على اللوديوميل مع الزانكس الذي سحبته تدريجياً بعد شهر مما أدى إلى عودة الحزن العميق لي دون الأعراض السابقة، فوصف لي الطبيب زولفت بدلاً من اللوديوميل إلا أنني كدت أجن من أعراضه، فعاد وطلب مني أن أدوام على عقار اللوديوميل حبتين من عيار 25 يومياً.

والآن وبعد مضي سبعة أشهر ما تزال أعراض الحزن تعاودني وخاصة مع الدورة الشهرية، علماً أنني أعاني من الشقيقة منذ بداية مشكلتي.

بالله عليكم أفيدوني ما السبيل إلى عودة الفرح لحياتي؟ وكيف أتوقف عن تناول الأدوية لأنني على وشك تجربة طفل أنبوب؟

أرجوكم ساعدوني لأن الفرح غادر حياتي وأشعر أنه ليس للحياة طعم.

أنا متدينة وأخاف الله كثيراً، وقد جربت الرقية الشرعية والباقي على الله وأنتم الوسيلة لمساعدتي، وأكون لكم من الشاكرين لو أفدتموني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة..

حقيقة لا أود منك أبداً أن تفكري أنك قد فقدت طعم الحياة وأنت بحمد الله متدينة وهذا بالطبع لابد أن يكون حافزاً ودافعاً قويّاً لك بأن تصبري وأن تفوضي أمرك إلى الله وألا تفقدي أبداً طعم الحياة، فالحياة هي هبة الله لنا وهي من الأشياء العظيمة التي يجب أن تستثمر لما هو فعّال ومن أجل طاعة الله تعالى وتعمير هذه الأرض.

حقيقة الذي تعاني منه هو نوع من القلق الاكتئابي البسيط، وليس عميقاً بالعمق الذي تتصورينه، وأنا لا أستطيع حقيقة أن أحدد أن السبب هو أنك لم ترزقي بأطفال، فربما يكون هذا عاملاً، ولكن أنت تعرفي أن الله تعالى يجعل من يشاء عقيماً، وأنا قد رأيت الكثير من الناس الذي لم يرزقوا بأطفال وهم متقبلون الأمر تماماً، لا شك أن الذرية هي من النعم العظيمة ولا نغالط في ذلك أبداً، ولكن حقيقة لا أودك أن تعتقدي أن هذا هو سبب الاكتئاب، وعلى الأقل أرجو ألا تضعي هذا التفسير أمام عينيك، فالاكتئاب في كثير من الناس غير معروف الأسباب مطلقاً، والنظرية الثابتة هي أن بعض الناس لديهم استعداد للاكتئاب، خاصة أنك قد بلغت العمر الذي تصاب فيه الكثير من النساء بالاكتئاب، وأنت تعانين من القلق والأعراض الشديدة قبل الدورة الشهرية وهذا من السمات الأساسية جدّاً للاكتئاب لدى النساء في هذا العمر، وعموماً أختي الفاضلة أرجو أن تفكري إيجابيّاً، وأرجو أن تشغلي نفسك ببيتك وأن تديري وقتك بصورة صحيحة، وأن تمارسي شيئاً من الرياضة، وأنت بحمد الله متدينة ونسأل الله لك المزيد، فهذا أيضاً يشرح صدرك ويزيل عنك هذه الأحزان.

بالنسبة للأدوية؛ فحقيقة الجرعة التي تتناولينها وهي 25 مليجرام من اللوديوميل ليست جرعة لعلاج الاكتئاب، هذه جرعة صغيرة جدّاً وهذا يدل على أن نوعية الاكتئاب الذي تعانين منه هو من النوع القلقي وهو من النوع البسيط جدّاً.

أرى أن تتوقفي حتى عن اللوديوميل وحتى عن الزاناكس ويمكن أن تستعملي (موتيفال) لفترة قصيرة مثلاً لمدة شهرين بواقع حبة واحدة ليلاً، وبعد ذلك يمكن أن تتوقفي عنه، والموتيفال هو علاج بسيط وطيب وحتى إذا حدث حمل إن شاء الله لن تكون هنالك أي مشكلة، علماً بأن الدواء الذي أثبتت سلامته المطلقة في أثناء الحمل هو (بروزاك)، فقد اتضح أنه الآن من الأدوية السليمة جدّاً في أثناء الحمل، ولكن أنا لا أرى أنك في حاجة للأدوية، فقط أنت في حاجة إلى التواؤم وإلى التكيف وإلى القبول بالواقع، وأن تنظمي أوقاتك، وأن تكوني أكثر صبراً، وأن تنظري إلى الجانب المشرق في الحياة، والعثرات والهنات والصعوبات هي موجودة في الدنيا، ولكن إذا قارنت نفسك بكثير من الناس سوف تجدين إن شاء الله أنت في خير كثير.

إذن: التفكير الإيجابي وألا تعتقدي أن هذا الاكتئاب الذي أتاك هو من عدم وجود الذرية، فأرجو تصحيح هذين المفهومين فهذا أمر ضروري جدّاً، وعليك أن تكوني فعّالة في حياتك، وهذا في نظري هو الذي سوف يساعدك كثيراً، ولا مانع من أن تجربي طفل الأنابيب، والذي أسأل الله لك أن يرزقك الذرية الصالحة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً