الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من تمني الموت؟

السؤال

السلام عليكم.

في أوقات كثير أحس أني ليس لي قيمة في الحياة، وأتمنى الموت كثيراً لكي أستريح، فكيف أتخلص من هذا الإحساس السيئ؟ وكيف أقنع نفسي بقيمتي في الدنيا؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد يوسف حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنت لك قيمة عظيمة عند الله لأنك مؤمن بالله، ومتبع لرسول الله، واعلم أن قيمتك تزداد كلما ازددت تمسكاً بشريعة الله، وكلما حرصت على السير على خطى وهدي رسول الله، وما من إنسان يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا كان له حظ ونصيب من قوله تعالى: (( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ )) [الشرح:4]، وقد قال علي رضي الله عنه:

ومقدار كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء

وإذا كنت - ولله الحمد - طالب جامعي فأنت شاب ومتعلم، وأمتك وأهلك ينتظروا منك الكثير، والإسلام دين عظيم يفتح للناس أبواب الخيرات، وأنت تستطيع أن تعلم الجاهل وتغيث الملهوف وتحمل الرجل على دابته، وتعاون كبير السن، وتدخل السرور على أهلك ولو بالكلمة الطيبة، ولو لم يفعل الإنسان إلا أن يكف أذاه عن الناس لكان ذلك صدقة منه على نفسه، بل إن الإنسان لا يزال بخير ما نوى الخير وعمل الخير، والمرء يعطى على قدر نيته، وإذا نوى الإنسان الخير وصدق في نيته ولم يتمكن من فعله كانت نيته خير له من عمله.

ولا يخفى عليك أن المؤمن لا يجوز له أن يتمنى الموت لضر نزل به، وإن كان ولابد فعليه أن يقول: (اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)، (وخير الناس من طال عمره وحسن عمله)، وطول العمر مطلوب إذا كان في الطاعات، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم علة المنع من تمني الموت، وذلك لأن الإنسان إن كان على الخير فإن يزداد خيراً وإن كان على خطأ وشر فلعله يتوب ويعود قبل الموت.

والموت لا يكون راحة إلا لمن قدم الأعمال الصالحة واجتهد في طاعة الله، وقد صدق من قال:

ولو أنا إذا متنا تركنا *** لكان الموت راحة كل حي
ولكـنا إذا متـنا بعثنا *** ونُسأل بعدها عن كل شيء

فتعوذ بالله من الشيطان، واعلم أنه يريد أن يحزن أهل الإيمان، وهمه أن يدفعهم لليأس والعصيان، وتجنب الوحدة فإن الشيطان مع الواحد وابحث عن الصالحين، واحشر نفسك معهم، وتذكر أنك مخلوق لغايةٍ عظيمة، قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56]، فأقبل على الدنيا بأمل جديد وثقة في الله المجيد، واضحك لتضحك الدنيا معك، واحمد الله على نعمه لتنال بشكرك المزيد، واعلم أن الله هو الغني الحميد، وأن من عمل صالحاً فلنفسه، ومن زرع خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن زرع شراً يوشك أن يحصد ندامة.

نسأل الله أن يختم لنا ولك بالخير، وأن يجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً