الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس المتعلق بالطهارة والصلاة وعلاجها السلوكي والدوائي

السؤال

مشكلتي أن أمي لديها وسواس في الوضوء والصلاة وتنظيف ملابسها وجسمها وكل ما يتعلق بها خاصة تكرار الوضوء والصلاة والذهاب إلى المسجد في كل الأوقات، وتزداد عصبية كلما منعتها من شيء ويشهد الله أنه في صالحها وقد تقوم بالليل لعمل أي شيء مما سبق ذكره فأرجو أن أجد عندكم نصيحة.

وشكراً جزيلاً على عملكم وكل ما تقومون به من أجلنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

الوالدة مصابة بنوع من الوساوس القهرية، والوساوس القهرية هي أفعال أو أقوال أو أفكار، أو مخاوف متكررة أو متسلطة على الإنسان ويؤمن الإنسان بسخفها، لكنه لا يستطيع أن يتركها؛ لأنه حين يتركها يحس بالقلق وهذا ينطبق على الوالدة.

أيتها الفاضلة أرجو أن تشرحي لوالدتك أن هذه وساوس قهرية وأنه يمكن علاجها، وأنها ليست دليلاً على ضعف الشخصية أو قلة الإيمان، بل على العكس من ذلك إن شاء الله تكون هذه هي أحد علامات الإيمان.

أيتها الفاضلة حين تشرحي للوالدة بكل هدوء، أعتقد أن ذلك سوف يقنعها بالعلاج، ومن فضل الله تعالى توجد الآن عدة علاجات، هنالك علاجات سلوكية، وهنالك علاجات دوائية.

الوساوس القهرية هي أمر مكتسبة كما ذكرت لك، ويعتقد أيضاً أن هنالك نوع من التغير الكيميائي أو البايلوجي الذي يحدث في بعض المواد الموجودة في المخ، والتي تعرف باسم الموصلات العصبية، ومن أكثر المواد التي تتأثر أو قد تتأرجح في إفرازها المادة التي تعرف باسم سيروتنين، وهنا يأتي دور الدواء لتنظيم هذه المادة بإذن الله تعالى.

بالنسبة للعلاج السلوكي، أولاً أرجو أن تحاولي أن تقنعي الوالدة بتحديد كمية الماء عند الوضوء، يجب أن لا تتوضأ الوالدة من الماسورة أو الحنيفة أو الصنبور، يجب أن تحدد كمية من الماء، تضع كمية من الماء في إناء وتكون هذه الكمية بالطبع معقولة، ثم تتأمل أن هذا الماء هو المتاح لها فقط، وتتوضأ منه.

إذن تحديد كمية الماء يعتبر أمراً ضرورياً جداً.

الشيء الآخر هو يمكن أن تتوضئي أنت معها، على سبيل المثال قولي لها بدأنا الآن بالتسمية بعد أن عقدنا النية، ثم بعد ذلك غسل اليدين، ثم المضمضة، ثم الاستنشاق وهكذا، أي يكون هنالك متابعة منك لها، وهذا أيضاً سوف يساعدها كثيراً.

بالنسبة للصلاة أيضاً يمكن أن تصلي في جماعة، حاولي أن تصلي معها، هذا يساعد كثيراً.

بالنسبة لتنظيف الملابس، بالطبع يجب أن تنهى عن ذلك، أما بالنسبة للجسد، فيجب أن تحدد كمية الماء أيضاً، تحدد كمية الماء حين تذهب إلى الاستحمام، وتحدد الزمن أيضاً، ربما تجد بعض المعاناة هي في الأول، ولكن صدقيني بعد ذلك سوف تتحسن الأمور لديها أكثر.

عموماً أختي الفاضلة، هذه هي بعض الإرشادات السلوكية التي هي مفيدة جداً إذا طبقت على الطريقة الصحيحة.

نأتي بعد ذلك للعلاج الدوائي، والعلاج الدوائي يفيد جداً حقيقة، وهو يشجع الناس ويرفع من قابليتهم للتطبيقات السلوكية، هنالك عدة أدوية تساعد في علاج الوساوس، منها العقار الذي يعرف باسم بروزاك، ويسمى علمياً بفلوكستين، ربما لا يكون موجود في المملكة المغربية على نفس المسمى، ولكن عموماً اسمه العلمي هو فلوكستين إذا لم يوجد تحت الاسم التجاري بروزاك، والدواء الثاني هو فافرين، وهو موجود فيما أعلم في المغرب.

على الوالدة أن تبدأ في تناول البروزاك أو الفلوكستين كبسولة واحدة في الصباح، وبعد أسبوع تبدأ في تناول الفارين معه، وجرعة الفافرين هي 50 مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى 100 مليجرام ليلاً، وبعد ثلاثة أسابيع من هذه البداية ترفع البروزاك إلى كبسولتين في اليوم، إذن تكون الجرعة العلاجية هي كبسولتين من البروزاك أي 40 مليجرام، و100 مليجرام من الفافرين، يجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة تسعة أشهر، هذه الأدوية أيتها الأخت الفاضلة أدوية سليمة وفعالة وبإذن الله تعالى بعد مضي ستة أسابيع من بداية الدواء سوف يحدث تحسن كبير جداً بإذن الله تعالى في حالة الوالدة.

بعد انقضاء فترة التسعة أشهر يمكن للوالدة أن تخفض البروزاك وتجعله كبسولة واحدة وتستمر في ذات الوقت على الفافرين بمعدل 100 مليجرام، ثم بعد شهرين تتوقف الوالدة أيضاً عن جرعة البروزاك الأخرى وتستمر على الفافرين أيضاً لمدة شهرين أخريين، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى 50 مليجرام لمد شهر ثم تتوقف عنه.

هذه أيتها الفاضلة هي العلاجات السلوكية للوساوس القهرية، والحمد لله نسبة نجاح العلاج الآن هي فوق الـ90 %، وهذه تعتبر نسبة كبيرة جداً في الطب، وأرجو أن أؤكد لك أيضاً أن هذه الأدوية سوف تساعد الوالدة في التحكم بالقلق والتوتر، وسوف تحسن من مزاجها كثيراً؛ لأن الوساوس القهرية كثيراً ما تكون مصحوبة باكتئاب وعسر في المزاج وشعور بالضجر قد لا يلاحظه الآخرين ولكن المريض يستشعره في داخل نفسه.

أسأل الله لها التوفيق والسداد، وأشكرك جداً على اهتمامك بحالة والدتك وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً